الداء العداري في الكبد

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
د. بشير الجمال
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

الداء العداري في الكبد Hydatid Disease of the Liver

لمحة عامة

الداء العداري، أو ما يسمى بداء المشوكة الحبيبية، هو مرض يسببه طفيلي يسمى بالدودة المشوكة الحبيبية ولا يزال يشكل مشكلة صحية جسيمة في العديد من البلدان حول العالم، وخوصا في الأماكن التي تكون فيها رعاية الحيوانات بالقرب من الأماكن الزراعية. يصيب الداء العداري العديد من الحيوانات البرية والمنزلية بالإضافة إلى إصابة البشر، كما أن طور اليرقة من المرض يتطور إلى كيسة مائية.

تعتبر الدودة المشوكة الحبيبية المسبب الرئيسي للداء العداري، كما أن الكبد هو أشيع الأعضاء المصابة في أكثر من ثلثي المرضى، إلا أنه من الممكن أن يصيب الداء العداري أي عضو في الجسم سواء كإصابة بدئية أو ثانوية. تتطلب دورة الحياة للدودة المشوكة الحبيبية ثوي ثهائي وهو غالبا ما يكون إما كلب أو ثعلب ، وثوي متوسط غالبا ما يكون خراف. أما الإنسان فقط يصبح ثوي متوسط عندما يصاب بالخمج بعد تناول طعام حاوي على بيوض للدودة المشوكة الحبيبية من براز كلب مصاب.

الإصابة بالداء العداري هي غالبا من النوع المزمن الذي قد يستمر لسنوات عديدة لا عرضيا. ولكن خلال فترة الإصابة بالداء العداري في الكبد قد تحدث العديد من الإختلاطات. أشيع و أخطر هذه الإختلاطات هي حدوث خمج ثانوي داخل الكيسة، أو حدوث ناسور صفراوي مسببا يرقان والتهاب طرق صفراوية، أو تمزق الكيسة داخل الجوف البيرتواني أو داخل جوف الجنب. يتم تأكيد التشخيص بطرق غير غازية عن طريق التصوير الشعاعي.

نتيجة السفر و الهجرة حول العالم لابد للأطباء في بلدان المتطورة أن يكون لديهم قدر كافي من المعلومات عن الداء العداري لتشخيصه وتدبيره.

تعتبر الجراحة هي العلاج المختار للكيسات المختلطة. أما في السنوات السابقة أصبحت الجراحة التنظيرية تستخدم لتدبير الكيسات غير المختلطة الموجودة في الأجزاء الأمامية من الكبد.

تعتبر العلاجات عبر الجلد تقدم علاجي هام في تديبر الكيسات المائية. ويتم اللجوء إلى التدبير عبر الجلد في حال وجود مضاد إستطباب للجراحة أو رفض المريض لإجراءها. يتضمن الإجراء عملية شفط للمحتوى الكيسة وحقن مواد قاتلة للطفيلي وإعادة سحبها عبر الجلد PAIR ، كما يتم إشراكه غالبا مع المعالجة الفموية ب الألبندازول.

يتعبر العلاج الدوائي لوحده في الكيسات الوحيدة أو مشاركته مع العلاج الجراحي أو العلاج عبر الجلد فعالا في حالات معينة عند بعض المرضى.

السببيات والإمراضية

إن سمية الدودة المشوكة يعتمد على الإختلافات بين البنية والخصائص لكل نوع من أنواعها، حيث تم التمييز بين 16 نوع و حوالي 13 نوع فرعي. معظم هذه الأنواع تندرج تحت مسمى الدودة المشوكة الحبيبية، إلا أن هناك ثلاث أنواع أخرى هي: الدودة المشوكة عديدة المساكن، Echinococcus oligarhrus، Echinococcus vogeli.

تعتبر الدودة المشوكة الحبيبية هي أشيع الأنواع الأبعة أما عديدة المساكن فهي الأندر والأشد عدائية من بين الأنواع الأربعة.

تمر الدودة المشوكة بمرحلتين أساسيتين في دودة الحياة الخاصة بها هما: طور الدودة البالغة وهي مرحلة النشاط الجنسي، والطور الكيسي أو اليرقي يحدث فيه التكاثر لا جنسيا.

تتألف الدودة المشوكة البالغة من رأس أو رؤيس وجسم و ثلاث أو أربع أسلة وهي أكبر القطع حيث أنها تحوي الأعضاء التناسلية التي تعطي البيوض. يوجد في البيوض أجنة تسمى المصنرة أو اليرقة والتي تحوي على ثلاثة أزواج من الكلابات.

تتطلب دورة حياة الدودة المشوكة الحبيبية نوعين من الأثوياء: أحدهما أكل للأعشاب والآخر أكل لحوم. تعيش الدودة المشوكة البالغة في أمعاء الكلاب التي تعتبر الثوي النهائي الأشيع للمشوكة الحبيبية. نتنج الديدان كمية كبيرة من البيوض المصابة التي تخرج مع براز الكلاب وتلوث التربة والماء والنباتات القريبة. بعد ذلك سوف تتناول هذه البيوض المصابة مع قبل ثوي متوسط الذي قد يكون الإنسان أو حيوانات عاشبة، ما يحدث في أمعاء الثوي المتوسط هو أن الجنين سيخرج من هذه البيوض ويهاجر من خلال جدار الأمعاء إلى الجهاز البابي.

اليرقة أو الطور الجنيني من الطفيلي قد يتطور في أي عضو من أعضاء الجسم، حيث قد يصل إلى الكبد، الرئة، الطحال، الكليتين، الدماغ والعظم. في حوالي 80% من المرضى تكون الإصابة في عضو واحد على الأقل.

تتوضع الكيسة المعزولة في الكبد في حوالي أربعة من كل خمس مرضى وفي الرئة عند واحد من كل خمس مرضى.

يتطور الجنين في الكبد إلى الطور اليرقي أو الكيسة المائية، والتي تكون ممتلئة بالسوائل وتحوي على مئات الرؤيسات البدئية. لكي تكتمل دورة الحياة لابد للثوي النهائي (أكل اللحوم) أن يتناول الكيسة المائية أو محتوياتها، وهذا غالبا ما يحدث عندما يتم إطعام الكلاب أعضاء اغنام مذبوحة مصابة بالطفيلي.

الوبائيات

داء المشوكات هو خمج طفيلي مسببه الطور اليرقي لعدد أنواع من ديدان المشوكات وأشيعها المشوكة الحبيبية. يحدث المرض بشل رئيسي في مناطق رعي الأغنام، وخاصة في الأماكن التي يسمح فيها للكلاب بتناول أعضاء من حيونات الرعي المذبوحة. يعتبر الإنسان ثوي متوسط عرضي ويلعب دورا ضئيلا في إتمام دورة الحياة للطفيلي التي غالبا ما تنتهي عنده. كما يجدر الذكر بأن الداء الكيسات المائية لا يتنتقل من شخص لأخر بين البشر.

توجد الدودة المشوكة الحبيبية في جميع أنحاء العالم تقريبا، حيث أنها تصيب حوالي 2-3 مليون شخص سنويا حول العالم. يعتبر الداء العداري مستوطنا في بعض دول حوض البحر المتوسط وفي الشرق الأوسط و الصين والهند، بالإضافة إلى جنوب و شرق أفريقيا. يعتمد معدل حدوث الإصابة في المناطق الموبوءة على مستوى الرعاية الصحية والبيطرية، ومدى الاحتكاك المباشر مع الكلاب في هذه المناطق الموبوءة.

في البلدان الغربية، المهاجرون من المناطق الموبوءة لديهم خطورة أكبر لتطوير الداء العداري من السكان الأصليين. أما في المناطق الموبوءة يعتبر السكان الأصليين هم الفئة الأكثر خطورة، إلا أن العاملين في المجال الصحي والسياح معرضون للإصابة أيضا ولكن بنسبة أقل. تحدث العدى البشرية نتيجة تناول الخضار الملوثة ببراز الكلاب المصابة أو بالتماس المباشر مع هذه الكلاب. ترتفع خطورة الإصابة في بعض المهن مثل العمل في أماكن ذبح الحيوانات، رعي الحيوانات، الأطباء البيطريين.

نتيحة النمو البطيء، تصبح الكيسة عرضية بعد عدة سنوات من الإصابة. ففي إصابة الأطفال قد تصبح الحالة عرضية في مرحلة البلوغ. وفي إصابة البالغين قد تستمرالإصابة لاعرضية لسنوات. في بعض الحالات قد يستطيع الجهاز المناعي للثوي المضيف من التغلب على الطفيلي وينتج كيسة مائية غير فعالية (غير حاوية على رؤيسات) تبقى لا عرضية مدى الحياة.

تشكل الكيسة المائية

عند وصول الطفيلي إلى نسيج الكبد ستدخل في الطور الكيسي اليرقي الذي سينتهي بتشكل الكيسة المائية خلال عدة أشهر إلى سنوات. تصبح الكيسات المائية مرئية خلال ثلاث أسابيع وقد تصل لقطر 3سم خلال حوالي أشهر. يعتمد الحجم على عمر الكيسة حيث قد تصل بعضها إلى قطر 20سم. تحتوي الكيسات المائية على سائل رائق عقيم مائي القوام يحوي على الرؤيسات، حيث يوجد حوالي 400000/ملم2.

تتالف الكيسة المائية الناضجة من ثلاث طبقات هي: طبقة الأعراس، طبقة الصفيحية، طبقة خارجية. طبقة الأعراس تحيط بالسائل الموجود داخل الكيسة التي تسبح في الرؤيسات، كما يحيط بها الطبقة الصفيحية وتشكلان معا الجدار الداخلي للكيسة. الجدار الخارجي للكيسة يتشكل من انضغاط أنسجة الثوي المحيطة بالكيسة، مشكلة طبقة ليفية لاخلوية تسمى بالجدار الخارجي.

تسمى طبقة الأعراس أيضا بالغشاء المنتش، وهو الجزء الحي من الطفيلي ويقوم بإعطاء الأعراس (الرؤيسات) التي تطرح مباشرة داخل الكيسة أو ضمن كيسات صغيرة تسمى "كيسات بنات". تقوم خلايا غير متمايزة في طبقة الأعراس بإنتاج أغلفة داخل الكيسة المائية تشكل كبسولات حاضنة تحوي العديد من الرؤيسات.

يقوم الغشاء المنتش (طبقة الأعراس) بإفراز السائل ضمن الكيسة وهو المصدر الأساسي لمحتويات الكيسة بشكل عام حيث إنه مصدر الرؤيسات أيضا.

إن وجود الكيسات البنات ضمن الكيسة المائية يعطي منظر كيسة متعددة الحجرات، وهذا الشكل يشاهد بشكل أشيع عند البالغين أكثر من الأطفال.

إن بنية الكيسات البنات هي مشابة لبنية الكيسات المائية من حيث تواجد الطبقات المنتشية والصفيحية والسائل والرؤيسات أيضا، حيث أن الإختلاف الوحيد بينهما هو تواجد الطبقة الخارجية (الناتجةعن انضغاط الأنسجة المجاورة).

إن الغشاء المنتش الرقيق يكون مدعوما بنيويا من الخارج بالطبقة الصفيحية التي هي عبارة عن طبقة لاخلوية ومنفصلة تماما عن الطبقة الخارجية، كما تكون عادة بسماكة 1إلى 2 ملم، وبالرغم من أن الطبقة الصفيحية هي نفوذة للماء، البوتاسيوم، الكلور، الكالسيوم والبولة، إلا أنها تؤمن حماية للكيسة من أنظيمات المضيف والصفراء والبكتيريا.

الطبقة الخارجية أو "ماحول الكيسة" هي عبارة عن محفظة ليفية تتشكل من أنسجة المضيف نتيجة ارتكاس التهابي اتجاه الدودة المشوكة الحبيبية. هذه المحفظة تكون متواجدة في الكيسات المائية الكبدية والطحالية ولكنها تكون غائبة في الكيسات المائية الموجودة في الرئة والدماغ. علما أن مع الوقت قد تتكلس هذه الطبقة بشكل جزئي أو كامل.

تحوي الكيسة المائية غير المختلطة على سائل رائق عديم اللون والرائحة مفرز من قبل الغشاء المنتش. يحوي السائل على كمية صوديوم، كلور، بيكربونات معادلة لتلك الموجودة في بلازما الثوي، في حين أن تركيز البوتاسيوم والكالسيوم يكون أقل من التركيز البلازمي. ما يكون السائل في الكيسات غير المختلطة عقيم وفي حال وجود سائل مختلط بمفرزات صفراوية فإنه يدل على ناسور مع الطرق الصفراوية. في حال إختلاط الكيسة بخمج معين، فإن يصبح السائل داخل الكيسة عكرا.

اختلاطات الكيسة المائية

قد تسبب الكيسة المائية أعراض ناتجة عن الضغط المباشر أو نتيجة الإرتكاس الإلتهابي حول الكيسة أو أحشاء قريبة أو تخريش القناة الصفراوية وجوف الجنب والبيتوان. وفي حالات نادرة قد تفتح الكيسة على القصبات الهوائية أو جوف التامور أو الأنبوب الهضمي.

الإنضغاط

خلال نمو الكيسة المائية في الكبد، تكون الضخامة باتجاه السطح الخارجي للكبد ومحفظة غليسون، وبالتالي انضغاط الأنسجة الكبدية المحيطة مما يؤدي إلى إلى ضخامة كبدية معاوضة للقسم المتبقي من الكبد. علما أنه في بعض الأحيان قد تشغل كيسة مائية مكان فص كبدي كامل دون حدوث أية أعراض تذكر. وبالتالي فإن الأعراض الإنضغاطية تعتمد على مكان توضع الكيسة المائية بالإضافة لحجم الكيسة فقط تسبب ما يلي:

  • في حال إنضغاط الطرق الصفراوية ستسبب يرقان انسدادي.
  • في حال انضغاط الأوردة الكبدية ستسبب تناذر بود كياري.
  • في حالات نادرة قد تسبب الكيسة المائية حدوث ارتفاع توتر في الوريد الباب ما قبل جيبي

الخمج الثانوي

كما هو الحال في باقي الكيسات الكبدية فإن الكيسة المائية قد تصاب بخمج في حال حدوث تجرثم دم أو في حال حدوث اتصال مع القناة الصفراوية. أما بالنسبة للأعراض الناتجة فهي مشابه لتل الناجمة عن خراج الكبد القيحي، حيث يتظاهر بألم في الربع العلوي الأيمن من البطن مع حرارة عالية وارتفاع بالكريات البيضاء بالإضافة إلى ارتفاع تركيز CRP. يتم تدبير الحالة عن طريق تعويض سوائل للمريض و إعطائه المضادات الحيوية واسعة الطيف بالإضافة إلى التفجير إما عبر الجلد أو بالتنظير.

تمزق الكيسة ضمن الطرق الصفراوية

يتعبر تمزق الكيسة المائية داخل الطرق الصفراوية أشيع الإختلاطات عموما ولكن معدل الحدوث الحقيقي لهذه الحالة صعب التقييم لعدم وجود معايير دولية معينة تصنف الاتصال بين الكيسة والطرق الصفراوية. غالبا ما يكون الإتصال الصغير غير عرضيا ويتم تشخيصه بشكل عكسي بعد كشف وجود الصفراء في السائل الموجود داخل الكيسة، أما الإتصال الكبير قد يسبب يرقان انسدادي أو التهاب طرق صفراوية.

تبقى نسبة حصول اتصال بين الكيسة والطرق الصفراوية محل شك حيث تتراوح نسبة الحدوث المكتشف سريريا من حوالي 1% إلى حوالي 42% سواء كان ضئيلا أو كبيرا. ولكن قد تصف بعض المراجع بأن 90% من الكيسات المائية لديها اتصال بطريقة ما بالطرق الصفراوية خلال فترة تطورها.

بعض عوامل الخطرة التي قد تدل على وجود اتصال كبير بين الكيسة المائية والطرق الصفراوية هي:

  • العمر
  • وجود اليرقان الإنسدادي (مرتفع البيلوروبين المباشر)
  • توضع الكيسة بالقرب من سرة الكبد
  • ارتفاع معدلات GGT قبل الجراحة
  • قصة مرضية سابقة لداء المشوكات الحبيبية

فيما يعتبر قطر الكيسة المائية الأكبر من 10سم مشعر سريري لوجود تمزق كيسة داخل الطرق الصفراوية.

أما في حال وجود كيسة بقطر 75ملم فإن احتمال وجود هذا التمزق يكون بحوالي 79%. عند وجود تمزق أكبر من 5ملم يسمى بتمزق كبير تشاهد محتويات الكيسة في القناة الصفراوية عند 65% من المرضى، وفي بعض الحالات قد تدخل كيسات بنات داخل الطرق الصفراوية مسببة يرقان انسدادي أو التهاب طرق صفراوية. أما في حال وجود اتصال بين الكيسة المائية والطرق الصفراوية أصغر من 5ملم فإنه من النادر أن تشاهد محتويات الكيسة المائية في الأقنية الصفراوية.

إن معدل حدوث تمزق كبير "أكبر من 5ملم" يتراوح بين 5-10% من الحالات. وقد يظهر التصوير الطبقي المحوري CT والتصوير بالأمواج فوق الصوتية US تمزق في جدار الكيسة مترافق مع توسع في الطرق الصفراوية داخل وخارج الكبد. التصوير بالإيكو الداخلي (من الأمعاء) قد يظهر محتويات الكيسة في الطرق الصفراوية خارج الكبدية. أما استخدام تصوير البنكرياس والطرق الصفراوية بالطريق الراجع ERCP فيعتبر مفيدا في إظهار انسداد الطرق الصفراوية الناجم عن محتويات الكيسة الصفراوية، كما يستخدم في علاج هذا الإنسداد عن طريق خزع المصرة واستخراج محتويات الكيسة المعيقة لمرور العصارة الصفراوية عن طريق بالون.

تمزق الكيسة ضمن القصبات الهوائية

خلال تطور الكيسات المائية في الشدفات الكبدية العلوية والخلفية قد تلتصق بالحجاب الحاجز مسببة تثلم ثم تمزق. بعد ذلك، ونتيجة للضغط البطني الإيجابي بالإضافة للضغط السلبي الموجود في الصدر سيحصل انسحاب كيسي إلى داخل جوف الجنب عبر الحجاب الحاجز. هنا العديد من الأسباب المتهمة وراء حدوث هذا النوع من التمزق أهمها حدوث خمج ثانوي أو العوامل المكانيكية (ضغط) أو تحت التأثير المخرش للعصارة الصفراوية.

علماً أن تمزق الكيسة المائية ضمن القصبات الهوائية يعتبر نادر الحدوث عموما، وفي حال حدوثه فغالباً سيتظاهر سريريا بشكل رئيسي على شكل ناسور صفراوي قصيبي.

تمزق الكيسة المائية داخل جوف البيرتوان

إن أشيع أسباب حدوث مضاعفات في جوف البرتوان في سياق الإصابة بالكيسات المائية هو حدوث تمزق في للكيسة في جوف البيرتوان. إلا أن هذا الإختلاط يعتبر نادر الحدوث حتى في الأماكن المستوطنة للمرض، حيث يترافق مع معدل حدوث يتراوح بين 1-8%. قد يحدث التمزق في جوف البيرتوان بشكل عفوي أو نتيجة رض مكانيكي. نتيجة تمزق الكيسة المائية فإن الكيسات البنات ستتحرر ضمن جوف البيرتوان وتؤدي إلى تشكل كيسات مائية متعددة. هذا الإختلاط قد يحدث بشكل صامت دون أعراض ولكن أشيع الأعراض التي قد تحدث هي:

  • ألم بطني
  • غثيان و إقياء
  • شرى جلدي
  • أعراض بطن حاد (مضض، دفاع، إيلام)
  • في بعض الحالات النادر (حوالي 1%) قد يؤدي تمزق الكيسة المائية لحدوث صدمة تأقية لدى المريض.

عند تواجد هذه الأعراض في المناطق الموبوءة بالمرض يجب نفي تمزق كيسة، كما يوضع تمزق كيسة مائية داخل جوف البيرتوان ضمن التشخيص التفريقي لأي حالة بطن جراحي حاد في هذه المناطق الموبوءة بالمرض. إن إجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية أو بالطبقي المحوري سيظهر الكيسة ومكان التمزق بالإضافة لوجود السائل الحر في جوف البيرتوان. إن حدوث حبن دون وجود تمزق يعتبر نادرا ( 2%) وما تزال أسبابه مجهولة حتى الآن.

تمزق الكيسة المائية ضمن أجواف أو أعضاء أخرى

قد تم توثيق حالات تمزق لكيسة مائية ضمن الأنبوب الهضمي في المعدة أو العفج. كما تم ذكر عدة حالات تمزق لكيسات مائية كبدية على جوف التامور أو ضمن أوعية دموية كبيرة مثل الوريد الأجوف السفلي.

التشخيص

يعتمد تشخيص الكيسات المائية على القصة المرضية السابقة لوجود كيسات سابقة في حال وجودها أو بالتشخيص الشعاعي والإختبارات المصلية، إن وجود خلايا أو أنسجة أو كيسات بنات ضمن السائل في الكيسة يؤكد التشخيص. بناء على المعطيات تم تقسيم حالات الإصابة إلى:

إصابة محتملة

أي مريض يعاني من أعراض سريرية أو متواجد في أماكن موبوءة مع موجودات شعاعية أو مصلية.

إصابة ظنية

أي مريض يعاني من الأعراض السريرية ومتواجد في أماكن موبوءة بالإضافة للموجودات الشعاعية والمصلية

إصابة مؤكدة

بوجود ما سبق بالإضافة إلى مشاهدة الرؤيسات بشكل مباشر تحت المجهر في محتويات الكيسة بعد رشفها بإبرة عبر الجلد أو أثناء الجراحة

الأعراض

إن الأعراض في الكيسة المائية هي غير نوعية. فهي تتعلق بحجم الكيسة و حدوث اختلاطات مثل خمج أو تمزق. في كثير من الأحيان يوضع التشخيص مصادفة بعد إجراء إيكو أو طبقي محوري لتقصي سبب ألم بطني مجهول أو في حال وجود قيم أنظيمات كبد غير طبيعية. تكون الكيسات الصغيرة (أقل من 5سم) والكيسات غير المختلطة غير عرضية وتكتشف صدفة غالبا خلال القيام بإستقصاء شعاعي لآفة أخرى. إن التوسع الحاصل في الكيسات الكبيرة والإرتكاس الالتهابي حول الكيسة قد يسبب تخريش في وريقة البيرتوان الجدارية المجاورة، مما قد يؤدي إلى حدوث ألم متوسط في المراق الأيمن أو في القسم السفلي من الصدر.

أما حدوث ألم بطني حاد فغالبا ما يشير إلى حدوث إختلاط في الكيسة المائية، سواء كان نتيجة خمج ثانوي أو نتيجة تمزق الكيسة ضمن جوف البيرتوان.

عند تحرر مستضدات سائل الكيسة المائية داخل الدوران الدموي وخصوصا بعد تمزق الكيسة ضمن جوف البيرتوان، فإن عدد من التظاهرات التحسسية قد تحدث نتيجة الإرتكاس المناعي، مثال ذلك حدوث شرى جلدي، هجمات ربو، وقد تصل إلى حدوث صدمة تأقية. كما أن وصول محتويات الكيسة المائية إلى داخل الطرق الصفراوية وقد تمتص المستضدات منها إلى داخل الدوران الدموي وبالتالي قد تحدث نفس التظاهرات التحسسية.

التظاهرات السريرية نتيجة تمزق الكيسة المائية ضمن الطرق الصفراوية هي هجمات متكررة من ألم قولنجي في المراق الأيمن بالإضافة إلى اليرقان مع أو بدون وجود حمى وعرواءات، تشبه الأعراض إلى حد ما إنسداد الطرق الصفراوية بحصاة. قد يحدث حبن نتيجة إنضغاط الأوردة الكبدية العلوية ( متلازمة بود كياري) أو إنضغاط الوريد الأجوف السفلي، كما قد يحدث ناسور صفراوي قصبي نتيجة تمزق الكيسة أيضا ولكن هذه التظاهرات نادرة الحدوث سريريا.

الفحوص المخبرية

تركيز أنظيمات الكبد

لا يوجد تراكيز معينة لأنظيمات الكبد تدل على وجود كيسات مائية في الكبد، إلا أنه قد يلاحظ ارتفاع بسيط في تركيز الفوسفاتاز القلوية وGGT عند ثلث المرضى وخاة عند المرضى الذين يعانون من انضغاط الطرق الصفراوية. بعد تشخيص وجود الكيسات المائية، فإن وجود تراكيز بيلوروبين مرتفعة (أكثر من 17مكرو مول/ليتر) بالإضافة إلى مستويات عالية من الفوسفاتاز القلوية و الGGT يعتبر ذلك مؤشرا قويا على وجود اتصال كيسي صفراوي.

الفحوص المخبرية الأخرى

قد ترتفع الكريات البيضاء في الدم في حال حدوث خمج ثانوي في الكيسة المائية. زيادة في نسبة الحمضات أكثر من 3% تشاهد عند 25% إلى 45% من المرضى الذين يعانون من كيسات مائية في البلدان الغربية، ولكن هذه النسب غير واضحة في المناطق الموبوءة.

كما أن مستويات الغلوبولينات المناعية ترتفع عند31% من المرضى بالداء العداري.

الإختبارات المصلية

الإختبارات المصلية في الداء العداري تستخدم في التشخيص التفريقي لكيسة كبدية أو لمراقبة المناطق الموبوءة أو للمتابعة بعد العلاج. لقد تم استخدام عدة فحوصات مصلية لتشخيص الكيسات عند البشر ولكنها تختلف فيما بينها بالحساسية والنوعية. تعتمد الإختبارات المصلية عادة على تفاعل وترسب المستضد المعطى مع الأضداد الموجودة في مصل المريض المصاب. تعتمد الحساسية والنوعية لهذه الإختبارات على نوعية المستضد المعطى، ويبقى كشف الأضداد في المصل هو الطريقة المفضلة.

الرحلان المناعي

يكون للرحلان المناعي IEP فائدة تشخيصية بحدود 91% إلى 95% في الكيسات الكبدية. إلا أن الرحلان المناعي لا يعتبر مناسبا في المراقبة الوبائية، ولكنها تستخدم في المتابعة بعد العلاج.

مقايسة الممتز المناعي المرتبط بالمنشطات (الأليزا)

تتراوح حساسية إختبار الإليزا بين 85% إلى 98% اعتمادا على نوع المستضد المستخدم. وعلى العكس من الرحلان المناعي، فإن إختبار الإليزا يمكن أن يستخدم في الدراسات الوبائية، إلا أن بعض الأضداد تؤثر على فعالته في المراقبة بعد الدوائية، حيث أن الضد IgG يبقى إيجابيا بالإختبار حتى 4 سنوات بعد العلاج والكشف عن أضداد IgE و IgG4 تعتبر غير مفيدة تشخيصيا، وبالتالي فإن استخدامها في مراقبة المريض بعد العلاج غير ملائمة. في حين أن الضد IgM يصبح سلبيا بعد حوالي 6 أشهر من العلاج الناجح وبالتالي يمكن استخدامه في المراقبة بعد العلاج.

لطخة وسترين

يسمح هذا الإختبار المناعي بتحليل الوزن الجزيئي للمستضدات الموجودة في مصل المريض. وجد أن لطخة وسترين ذات قيمة هامة في التشخيص والمتابعة بعد العلاج الجراحي لمرضى الداء العداري، وقد تكون الخط الأول في التشخيص والأهم في حال وجود عدة تشاخيص تفريقية بسبب حساسيتها ونوعيتها العاليين.

التشخيص الشعاعي

يعتبر التصوير بالأمواج فوق الصوتية US و التصوير بالطبقي المحوري CT و التصوير بالرنين المغناطيسي MRI من الإستقصاءات الأساسية سواء في وضع التشخيص أو أثناء تطبيق العلاج عبر الجلد أو في مراقبة نجاعة العلاج عند مرضى الكيسات المائية. يستطب إجراء صورة رنين مغناطيسي MRI أو تصوير بالطبقي المحوري CT في الحالات التالية:

  • في حال تواجد الكيسة خارج جوف البطن ( مثل الدماغ..)
  • في حال تواجد الكيسة تحت الحجاب الحاجز مباشرة
  • في حال وجود أكثر من كيسة
  • في حال حدوث إختلاطات ( خمج أو تمزق أو ناسور صفراوي)
  • لأجل التقيم قبل التداخل الجراحي

وفي حال توافر صور الرنين المغناطيسي فإنها تكون مفضلة على صور الطبقي المحوري، وذلك بسبب حساسيتها للأنسجة الضامة المختلفة.

التصوير بالأمواج فوق الصوتية

يعتبر التصوير بالأمواج فوق الصوتية هو الخيار التشخيصي الشعاعي الأول عند الشك بوجود كيسة مائية كبدية، وبناء عليه فإن وضع المرحلة هام لتميز بين الإجراءات العلاجية المتبعة و الإنذار أيضا فهنا ست مراحل هي: CL CE1,CE2,CE3,CE4,CE5 .

  • مرحلة CL (مرحلة الآفة الكيسية): تظهر كيسة مملوءة بسائل واضحة الحدود، يحيط بها جدار. من الصعب تمييزها عن كيسة طرق صفراوية بسيطة
  • مرحلة CE1: تحوي على هالة مركزة زائدة الصدى حول الكيسة، وقد تحوي بؤر زائدة الصدى حرة الحركة ضمن الكيسة المائية تسمى بالرمل العداري.
  • مرحلة CE2: وهنا تكون الكيسة متعددة المساكن، تحوي على كيسات بنات عديدة ضمنها متجمعة بشل عش النحل، وهذه الكيسات البنات قد يحوي على سائل شبية بالكيسة الأم أو قد يحوي على رؤيسات فقط دون أي سائل.
  • مرحلة CE3: يحدث في هذه المرحلة انفصال جزئي أو تام للطبقة الصفيحية، ويصبح جزء من الأغشية سابحا ضمن الكيسة زائدة الصدى، معطية منظر جدار مزدوج.
  • مرحلة CE4: وهنا تكون الكيسات حاوية على مركبات كيسية وصلبة دون وجود كيسات بنات مرئية.
  • مرحلة CE5: يكون قوام اليسة في هذه المرحلة صلبة أو شبه صلب نتيجة التكلس الحاصل، كما ييعتبر هذا الشكل من الكيسة الأقل نموذجية حيث أنه يدخل في التشخيص التفريقي للعديد من الحالات الأخرى مثل الأورام الليفية والخراجات الكبدية والأورام الوعائية في الكبد. علما أن وجود تكلسات في جدار الكيسة المائية لا يعني أنها غير فعالة وميت، ولكن تكلس الكيسة بشكل كامل يوحى بموتها.

يمكن وضع علاقة تصنيف الكيسات المائية بفعاليتها كما يلي:

  • CL,CE1,CE2: كيسة فعالة مع نشاط تكاثري.
  • CE3a: مرحلة انتقالية، قد تكون فعالة أو غير فعالة.
  • CE3b: مرحلة انتقالية، كيسة فعالة بيولوجيا فقط.
  • CE4, CE5: كيسات غير فعالة، حيث تكون CE4 في مرحلة تراجع، والكيسة في مرحلة CE5 متكلسة جزئيا أو كليا.

التصوير بالطبقي المحوري CT

يعطي التصوير الطبقي المحوري معلومات أدق حول طبيعة الكيسة أكثر من التصوير بالأمواج فوق الصوتية، من حيث حجم الكيسة، موقعها، عددها، بالإضافة إلى علاقاتها بالمجاورات. يظهر الطبقي المحوري الكيسات البنات و الرؤيسات في جوف البيرتوان، وقد يظهر علامات على حدوث إختلاطات على الكيسة المائية مثل حدوث توسع في القناة الجامعة نتيجة انسداد في الطرق الصفراوية بمحتويات الكيسة مع وجود لون يرقاني على الجلد. غالبا ما يتم طلب صورة الطبقي المحوري قبل العمل الجراحي لأنها تعطي الجراح فكرة هامة عن المجاورات و التراكيب التشريحية.

تظهر الكيسة المائية على صورة الطبقي المحوري بشكل كيسة واضحة الحدود منتظمة مع غشاء محدد وواضح، حيث أنها لا تكون مرتشحة بالنسيج المجاور.

التصوير بالرنين المغناطيسي MRI

يظهر جدار الكيسة على زمن T2بشكل منخفض الإشارة، و تعتبر هذه العلامة واسمة للكيسات المائية، حيث يمثل الغشاء الخارجي الصفيحي الغني بالكولاجين. أما الكيسات البنات فتظهر بشكل بنى كيسية مرتبطة بالغشاء المنتش وتكون منخفضة الإشارة نسبة إلى السائل داخل الكيسة في الزمن T1 وعالية الإشارة نسبة إلى السائل في الزمن الT2.

يعتبر التصوير بالرنين المغناطيسي MRI أدق من الطبقي المحوري في سياق الكيسات المائية وخصوصا في حال وجود كثافات شحمية في الكيسة (عند وجود اتصال كيسي صفراوي). في حال حدوث اختلاطات على الكيسة، فإن تصوير الطرق الصفراوية بالرنين المغناطيسي MRCP"" يعطي صورة واضحة عن الأقنية الصفراوية الداخل و الخارج كبدية وعلاقاتها مع الكيسة المائية بالإضافة إلى وجود أي اتصال كيسي صفراوي.

استطبابات المعالجة و أنواعها

لمحة عامة

إن هدف المعالجة المثالية يعتمد على ثلاث ركائز:

  • زوال الطفيلي بشكل كامل.
  • إزالة الفجوة الناجمة مكان الكيسة المائية.
  • الكشف عن وجود ناسور صفراوي وتدبيره.

هناك أربع خيارات علاجية للكيسات المائية متبعة حاليا وهي:

  • معالجة جراحية شاملة.
  • معالجة جراحية محافظة.
  • معالجة بطريقةPAIR " رشف محتويات الكيسة مع حقن مواد قاتلة ثم سحبها".
  • معالجة دوائية عن طريق البنزميدازول.

تعتبر الجراحة هي الخيار العلاجي الوحيد الذي يحقق الركائز الثلاث للمعالجة الناجحة، وبالتالي هو الخيار الأكثر فعالية والأشيع، كما أن أنواع العلاج الأخرى قد تنتج اختلاطات أو تترافق مع معدلات نكس عالية. ومع ذك لا يمكن القول بأن الجراحة الشاملة هي الخيار العلاجي المختار و أنه الخط الأول بسبب أن معظم الدراسات التي تنص على ذلك أتت من مناطق موبوءة ومن الممكن أن يكون اتباع الخيار الجراحي في هذه المناطق يتبع أسباب أخرى غير نجاعة العلاج مثل خبرة الطبيب وعوامل أخرى. ولذلك لم يستطع الخبراء من تحديد الخيار العلاجي " الأفضل" في تدبير الكيسات المائية. وما زال تدبير الكيسات يعتمد على كل حالة على حدا، مع الأخذ بعين الإعتبار صفات الكيسة و مجاوراتها والخبرات والتجهيزات الطبية المتوافرة، بالإضافة إلى المقدرة على متابعة المريض لفترة طويلة بعد العلاج.

استطبابات المعالجة

لا يوجد لحد الآن إجماع على توقيت علاج الكيسات المائية وذلك بسبب نقص الأبحاث والدراسات الإحصائية لعدة أسباب منها:

  • إزمان المرض وبالتالي فإن ذلك يتطلب متابعة طويلة الأمد لفعالية العلاج أو الإجراء الجراحي.
  • قلة عدد المرضى الذين يتظاهرون سريريا بأعراض متشابهة حتى في المناطق الموبوءة.
  • صعوبة مقارنة النتائج للدراسات المختلفة.

العلاج الجراحي

  • الإستطبابات:

لابد من تقيم فوائد و اختلاطات العمل الجراحي قبل اختياره لمعالجة أي كيسة مائية ومقارنتها مع الخيارات العالجية الأخرى، إلا أنه يعتبر الخط الأول في تدبير الكيسات المختلطة. يستطب إختيار المعالجة الجراحية في الحالات التالية: - استئصال كيسة مائية من درجة CE2 – CE3b مع عدة كيسات بنات.

- وجود كيسة وحيدة سطحية مع وجود خطورة للتمزق العفوي أو نتيجة رض (في حال عدم توافر الرشف عبر الجلد)

- كيسات مختلطة بخمج ثانوي (أيضا في حال عدم توافر الرشف عبر الجلد)

- وجود اتصال كيسي صفراوي

- وجود تأثير ضاغط للكيسة على الأعضاء النبيلة المجاورة.

- مضادات الإستطباب: تعتبر المعالجة الجراحية مضاد استطباب في حال وجود موانع إجراء جراحة بشكل عام (موانع تخديرية ... )، أو وجود كيسة غير فعالة ولاعرضية، أو الكيسات الصغيرة جدا، أو في حال صعوبة الوصول للكيسة جراحياً.

- مبادئ أساسية في الجراحة:

تقيم قبل العمل الجراحي: كل مرضى داء الكيسات المائية الذين سيخضعون للمعالجة الجراحية لابد أن يقيموا قبل الجراحة بشكل جيد، وذلك يتضمن تخطيط قلب كهربائي ECG، فحوصات دم كاملة، INR، شوارد و اختبارات وظيفة كلية، أنظيمات كبد، بالإضافة إلى فحص زمرة دم المريض وتأمين دم موافق. بالإضافة إلى الإطلاع على صورة طبقي محوري CT أو رنين مغناطيسي MRI مجراة حديثا للتخطيط للعملية الجراحية وللتأكيد من عدم وجود كيسات أخرى في الحوض أو خلف البيرتوان أو في الصدر. تقييم الكبد يكون عبر التصوير الطبقي المحوري مع حقن ثلاثي الطور، حيث يفيد في كشف أي اتصال وعائي مع الكيسة أو مجاورات وعائية خوفا من حدوث مشاكل خلال العمل الجراحي. نقوم بإجراء MRCP في حال تواجد الكيسة في مكان مركزي في الكبد قرب السرة أو عند وجود شك بناسور صفراوي كيسي.

- الوقاية من تسرب سائل الكيسة خلال العمل الجراحي: يستطب القيام بأي إجراء من شأنه الوقاية من تسرب السائل داخل جوف البيرتوان، وهذا يتضمن تغطية الأحشاء في البيرتوان بأغطية جراحية قاتلة للرؤيسات، بالإضافة لحقن مواد قاتلة للرؤيسات ضمن الكيسة دون ضغط خوفا من تمزقها. تتكون هذه المواد القاتلة للرؤيسات من حوالي 70% إلى 90% مإيتانول وحوالي 15-20% من سيروم ملحي عالي التركيز وحوالي 0.5% محلول ستراميد. حاليا يوصى بوضع 20% سيروم ملحي عالي التركيز

- نوع الجراحة: لا يوجد حالياً أبحاث سريرية للمقارنة بين نتائج العمليات بالتنظير و العمليات بالطريق الجراحي التقليدي، حيث لا يوجد بيانات كافية عن معدل النكس بعد المعالجة بالتنظير.

المعالجة الجراحية التقليدية يعتمد مكان الجرح على مكان الكيسة المائية و حجمها وعددها، بالإضافة إلى وجود كيسات أخرى ضمن جوف البطن. إما عن طريق جرح تحت الحافة الضلعية اليمنى على الخط الناصف، أو جرح وحشي تحت الحافة الضلعية يعطي رؤية أفضل للجراح لتدبير الكيسات المائية الكبدية. يفضل إجراء شق على الخط الناصف تحت الحافة الضلعية في حال وجود الكيسة ضمن الفص الكبدي الأيسر أو في حال وجود تمزق للكيسة ضمن جوف البيرتوان.

استخدم في الماضي شق صدري بطني لتدبير بعض الحالات كالكيسات المتوضعة في الفص الخلفي للكبد، ولكن حالياً يستخدم المدخل صدري فقط في حال وجود كيسات مائية في الرئة والكبد معاً.

المعالجة التنظيرية

بالرغم من أن المعالجة التنظيرية تعطي العديد من الفوائد في تدبير حالات لكيسات معينة، إلا أنه لا يوجد هناك موافقة واسعة على استعمالها من قبل العديد من الأخصائيين وذلك بسبب قلة المساحة للأدوات بالإضافة إلى صعوبة تدبير الإختلاطات في حال تمزق الكيسة وأيضا صعوبة شفط محتويات الكيسة اللزجة. وبالرغم من ذلك كله ما تزال الإختلاطات التي قد تحدث نتيجة استخدام المعالجة التنظيرية لم تدرس بشكل كافي وما زالت محل جد.

من الناحية النظرية، فإن الغاز المنفوخ ضمن البطن خلال العمل الجراحي التنظيري قد يطبق ضغط مكانيكي على الكيسة المائية ويزيد من خطورة تمزقها و انتشار الكيسات ضمن جوف البطن. يوجد دراسة قام بها العالم بيكل عام 1998 خلصت إلى أن المعالجة التنظيرية لا تزيد من خطورة تسرب السائل إلى جوف البيرتوان وأن المعالجة التنظيرية لا تملك أية مخاطر إضافية عن تلك الموجودة في المعالجة التقليدية. ولكن في المقابل فإن دراسة حديثة عام 2015 أجريت بالطريق الراجع خلصت إلى نتائج معاكسة. في عام 1999 قام الجراح Berberoğlu بإجراء جراحة تنظيرية دون استخدام غاز ضمن البطن وخلص إلى عدم وجود أي فائدة إضافية عن استخدام الغاز وبالعكس زادت خطورة الإختلاطات.

في دراسة أجريت في الصين حديثا ضمت حوالي 914 مريضا تم علاجهم باستخدام الجراحة التنظيرية، أشيع عمل جراحي أجري هو استئصال الكيسة الكامل بحوالي 60% من الحالات، ومن ثم تلاه استئصال ماحول الكيسة الجزئي 15%، استئصال ما حول الكيسة الكامل 8%، أما باقي المرضى فأجرى لهم استئصال قطع كبدية. معدل الوفيات كان 0.22% (مريضين)، مع معدل مراضة حوالي 15%. معدل نكس الإصابة بعد العمل الجراحي حوالي 1% (10 مرضى)، وبالتالي خلصت الدراسة أن استخدام الجراحة التنظيرية في تدبير حالات معينة من مرضى الكيسات المائية مماثل بالفعالية للجراحة التقليدية مع معدلات مقبولة من الوفيات والمراضة لكلا نوعي الجراحلة الشاملة و المحافظة.

أشيع مدخل للمنظار هو "المدخل فوق السرة"، ولكن المكان المحدد تماما لإدخال التروكار يختلف حسب مكان توضع الكيسة وحجمها.

يتم تغطية مكان الثقب ضمن الكيسة بشاشة حاوية على مواد قاتلة للرؤيسات، كما أن هناك العديد من الجراحين الذين يتبعون طرق عديدة اكثر آمانا وفاعلية في استخراج محتويات الكيسة، حيث أن بعضهم يفضل الخزع ثم البزل ثم ملء الكيسة بمواد قاتلة للرؤيسات ثم إعادة سحبها و إفراغ محتويات الكيسة. خلال العملية الجراحية التنظيرية يمكن إدخال امنظار داخل الجوف الحاوي على الكيسة للتأكد من خلوه من كيسات بنات أو بقايا غشاء صفيحي أو وجود تسرب للعصارة الصفراوية نتيجة ناسور.

بعض الجراحين استخدم تروكار بشكل مظلة لحصر الكيسة مع جدار البطن وإستخراج محتوياتها عن طريق ممص. وأيضا قام الجراحان بيكل وإيتان عام 1995 باستخدام قسطرة كبيرة شفافة (12ملم) بحافة مائلة لتدبير الكيسات المائية في الكبد بشكل سليم، حيث تم تطبيق شفط عبر القسطرة على سطح الكيسة بشكل يسمح بتماس مائل وثم ثم سحب محتويات الكيسة، وعبر تطبيق هذه الطريقة يعتقد أن التسريب الناتج خلال العلمية يكون أصغر بالمقارنة مع الطرق الأخرى.

يوصي بعض الباحثين بغسل جوف البيرتوان بمحلول قاتل للرؤيسات أو تشكيل بركة من هذا المحلول حول الكبد خلال العملية الجراحية التنظيرية بهدف إنقاص احتمال حدوث انتقالات ونكس للكيسة المستأصلة.

  • المعالجة الجراحية المحافظة:

تعتبر الجراحة المحافظة أو استئصال الكيسة أبسط و أكثر أمانا من الجراحة الشاملة. يعتبر هذا النوع من الجراحة مناسبا في الأماكن الموبوءة حيث تجرى العمليات من قبل أطباء جراحة عامة، لا يتطلب هذا الإجراء أية أدوات جراحية خاصة، حيث لا يوجد استئصال لأنسجة كبدية مجاورة. ولكن في المقابل فإن خطورة حدوث داء كيسات ثانوي نتيجة انتشار الرؤيسات هي أكبر من عند إجراء استئصال ما حول الكيسة، أو استئصال الكيسة الكامل أو استئصال فص كبدي. يتألف استئصال الكيسة المائية بالطريقة الجراحية المحافظة من:

أ‌) خزع و بزل

ب‌) حقن مواد قاتلة (في حال عدم وجود اختلاطات)

ت‌) استئصال الكيسة ( استخراج محتويات الكيسة من كيسات بنات، والأغشية الإنتاشي والصفيحي..)

ث‌) إزالة السقف (إزالة الجزء الواصل لسطح الكبد)

بعد فتح البطن يغطة الجلد المحيط بالجرح بحذر بواسطة شاشة معقمة أو بواسطة جهاز حامي للجرح بشكل خاتم. كما يتم فحص البطن بشكل جيد، وخصوصا أماكن التسريب المحتملة مثل الثرب والحفرة الحرقفية، حيث أن الجدار الخارجي اللماع للكيسة سهل التمييز. كما يجب فحص موقع وتوضع وحجم وعدد الكيسات، بالإضافة إلى وجود أية اختلاطات أو وجود كيسات خارج كبدية أو خارج البطن. كما أنه من الأهمية بمكان معرفة العلاقة بين الكيسة و الوريد الأجوف السفلي، والأوردة الكبدية، و محتويات باب الكبد (وريد باب، قناة جامعة..) والسبب في ذلك أن الكيسات المائية الكبيرة أو المتعددة تقوم أحيانا بتغير البنية التشريحية للكبد.

لتدبير الكيسات العميقة ضمن الكبد يتم إجراء حس أو تصوير بالأمواج فوق الصوتية ضمن العملية الجراحية حيث يساعد ذلك في تحديد الجزء الأكثر سطحية من الكيسة الملائم لإجراء البزل وتفريغ المحتويات. كما يجب تجنب تحريك الكبد والكيسة قدر المستطاع لتجنب تمزق جدارها الرقيق مما يزيد من نسبة النكس.

يتم عزل المنطقة المحيطة بالكيسة بعناية بواسطة مجموعة من الشاش كما يلي:

  • الطبقة الأولى من الشاش تكون مشبعة بسيروم ملحي طبيعي
  • الطبقة الثانية تكون مشبعة ب محلول ملحي مفرط التوتر 20%

تعمل هذه الإجراءات على شكل حاجز ميكانيكي وكيميائي لمنع حدوث انتشار للرؤيسات. تترك منطقة بقطر 2سم على أكثر المناطق بروزا من الكيسة غير مغطاة لإجراء البزل و الشفط. كما يجب التعامل مع الكيسة بحذر كبير لأن محتويات الكيسة غالبا ما تكون تحت ضغط ميكانيكي كبير. يتم تحديد المكان الذي سيتم التداخل عبره على الكيسة. كما يجب أن يتوفر مفجران على الأقل بالإضافة إلى جهاز رشف ذي فعالية عالية، بالإضافة إلى توافر القسطرة ذات الرأس المائل، كما يجب أن يكون خزان المفرزات بسعة كافية لكلا يتم توقيف الرشف بشكل مؤقت لإفراغه.

يتم ثقب الكيسة بواسطة إبرة ذات قياس كبير موصولة بمحقنة 50مل موصولة ب مفرع ثلاثي المجرى وبوجود أنبوب شفاف بلاستيكي موصول إلى لمفجر. ثم يتم بزل الكيسة قدر المستطاع ويتم ملاحظة قوام ولون السائل المبزول من الكيسة. وفي حال كان لون السائل المبزول رائق بالكامل وغير عكر أو مختلط بقيح أو صفراء، فحينها يمكن أن نحقن المحلول القاتل للرؤيسات بكمية أقل بقليل من القدر المبزول. علما أن الحقن يكون برفق وليس تحت ضغط. وكما هو موصى حسب الدراسات المجراة فإن المحلول الملحي المرتفع التوتر 20% هو المحلول المحقون، حيث ثبت أنه قاتل للرؤيسات والكيسات البنات بنسبة 100% خلال فترة زمنية تقدر ب 6 دقائق. علما أنه من مخاطر هذه الممارسة هو الإمتصاص الزائد لهذا المحلول ضمن الجسم مؤديا إلى حدوث فرط صوديوم الدم، لذلك فيجب استخدامه بحذر مع حساب الكمية الواجب إعطائها بدقة.

تبقى فوهة الممص بالقرب من ابرة الممص طوال فترة العمل الجراحي خوفا من حدوث تسرب لسائل الكيسة على طول الإبرة. يتم الإبقاء على المحلول القائل للرؤيسات داخل جوف الكيسة المائية لعدة دقائق قبل إعادة امتصاصه للتأكد من قتل الكيسات البنات، كما تعاد هذه العملية (حقن محلول و سحبه) مرتين على الأقل.

بعد ذلك، يتم سحب السوائل من الكيسة بالبزل ونتيجة لذلك "تحت الضغط السلبي" فإن الغشاء الصفيحي سينفصل ويتمزق لداخل الكيسة، ومن ثم يستطيع الجراح من استخراج كل محتويات الكيسة.

ثم يتم فتح الكيسة بواسطة مخثر كهربائي ويتم إدخال القسطرة الكبيرة الموصولة بجهاز سحب المفرزات ليتم سحب محتويات الكيسة. يتم القبص على طرفا الخزع في الكيسة بوساطة اثنان من الملاقط الجراحية.

يتم بعدها توسيع الشق في الكيسة ليسمح برؤية مباشرة أفضل للكيسة وبقايا محتوياتها. علما أنه من الضروري الإبقاء على سحب من الأعلى لحواف الشق لكلا يحدث أي تسرب للسائل خارج الكيسة. يتم حقن كميات من محلول الملحي مفرط التوتر 20% بشكل متقطع مع الرشف للتخلص من الرمل العداري الموجود ضمن الكيسة.

يكون من الضروري خلال هذه المرحلة تقييم المحتوى المرتشف من الكيسة، حيث أن الكيسة المائية عادة تحوي على سائل رائق، ورمل عداري، و كيسات بنات. أما وجود عصارة صفراوية فهو دلالة على وجود اتصال كيسي صفراوي وعندها فيجب الحذر من حقن المواد القاتلة للرؤيسات حيث أنها قد تؤذي الطرق الصفراوية أو تؤدي إلى عدة اختلاطات أخرى.

بعد سحب المفرزات وتحرر الغشاء الصفيحي ضمن الكيسة يتم توسيع الشق ضمن الكيسة وتبدأ عملية استخراج محتويات الكيسة، أفضل طريقة لاستخراج الغشاء الصفيحي المتمزق هي عبر ملقط جراحي بشكل خاتم، أما الكيسات البنات تستخرج بشكل أفضل بالرشف مع المفجر.

بعد استخراج محتويات الجوف يتم غسله مرة اخرى بمحلول ملحي مفرط التوتر ويتم استئصال سقف الكيسة (الجدار الخارجي) بواسطة مخثر كهربائي. يتم تقطيب حواف القطع بوساطة قطب من مواد قابلة للامتصاص، ويتم ذلك بحذر حيث تعتبر هذه المرحلة من المراحل الدقيقة في العملية الجراحية لان حواف القطع تحوي على أوعية دموية وأقنية صفراوية.

إنه من الضروري بمكان فحص الجوف بحثا عن كيسات بنات او تسرب صفراوية نتيجة العمل الجراحي ويتم ذلك بعد غسل الجوف بمحلول السالين، ليتم بعدها حشو الجوف بقطع شاش لعدة دقائق، وفي حال وجود أثار عصارة صفراوية على الشاش فهو دلال على وجود ناسور صفراوي.

إن حقن محلول السالين في حال وجود أي ناسور صفراوي سيتظاهر بعدد من الإختلاطات مثل التهاب المرارة و الطرق الصفراوية. لذلك في حال وجوده نقوم ببزل و تفريغ الكيسة فقط دون حقن أي مواد قاتلة للرؤيسات.

  • تدبير الاتصال الكيسي الصفراوي داخل العملية الجراحية:

بعد التأكد من عدم وجود الأعراض والعلامات التي قد تشير إلى وجود ناسور صفراوي كيسي قبل العمل الجراحي، يتم الدقيق خلال العملية الجراحية من خلال شق واسع في الكيسة بحثا عن أي اتصال مع الطرق الصفراوية، ويتم التأكد من ذلك عن طريق الحصول على شاشة جافة بعد دكها صمن جوف الكيسة بحيث تكون على تماس مع الجدارها الداخلي بالتزامن مع تطبيق ضغط بسيط على المرارة.

في حال الشك بوجود اتصال يفضل إجراء تصوير ل الطرق صفراوية ضمن العملية، فبعد إجراء الشك ضمن الكيسة يتم إجراء إختبار مادة أزرق الميتلين حيث تحقن عن طريق أنبوب يوضع داخل الكيسة. يفيد هذا الإجراء بشكل كبير في تشخيص النواسير الصغيرة أو التسريب الذين قد لا تكونا مرئيين بالعين المجردة.

في حال ملاحظة أي فتحة على الطرق الصفراوية يجب إغلاقها بقطب منعا من حدوث إختلاطات نتيجة تسرب العصارة الصفراوية ضمن جوف البيرتوان أو حدوث نواسير أخرى أو إصابة الجوف بخمج ثانوي. نذكر أن هناك حالات نادرة جدا يكون فيها الاتصال مع الطرق الصفراوية كبيرا جدا فنحتاج لإستخدام مفجر أو استئصال جزء من الكبد.

  • تدبير الجوف المتبقي:

بالرغم من أنه تم استخدام العديد من التقنيات والأساليب "تبعا لحجم الجوف وموقعه" لمنع حدوث إختلاطات بعد العمل الجراحي ضمن الجوف المتبقي فإن الطريقة التي تعتبر أكثر أمانا هي إجراء عملية "رأب الثرب".

يكون الثرب متحركا من موقعه بالقرب من الكولون المعترض وبمرونة كافية للتعبئة الجوف الحاصل وإزالته حيث يتم درزه لملء مكان الكيسة المستأصلة. في حال كان حجم الكيسة كبيرا فيتم وضع مفجر مؤقت (بعض الجراحين يضع مفجران) بالإضافة للثرب ضمن الجوف حيث يلعب الثرب دورا مهما في حماية الجوف من حدوث خمج ثانوي بالإضافة إلى إنقاص احتمال تشكل النواسير بفصل خصائصه الحامية الطبيعية. علما أنه يتم سحب المفجر حالما توقف النز.

اختلاطات ما بعد العمل الجراحي

الناسور الصفراوي

يتراوح معدل حدوث الناسور الصفراوي كإختلاط نتيحة العمل الجراحي على الكيسة المائية بين 1-10%. يتم تدبير هذا الإختلاط عن طريق تصريفها بواسطة الجراحة التنظيرية بهدف انقاص فرق الضغط الصفراوي العفجي إلى الصفر. تم استخدام عدد من الطرق لتدبير النواسير الصفراوية مثل إجراء بضع المصرة، وضع ستنت. تبلغ نسبة نجاح في إغلاق الناسور عادة معدلات عالية حوالي 83.3-100% ويغلق الناسور عادة خلال 2-6 أيام بعد التدبير.

تضيق في الطرق الصفراوية

يعتبر حدوث تضيقات على مسار الأقنية الصفراوية كإختلاط بعد العمل الجراحي غير شائع الحدوث. أخطر هذه الحالات هو حدوث التهاب طرق صفراوية مضيق بالمواد الكاوية نتيجة دخول مواد قاتلة للرؤيسات بعد استعمالها على الكيسة نتيجة وجود اتصال كيسي صفراوي.

قد يؤدي حدوث التهاب الطرق الصفراوية المضيق المعمم إلى حدوث عدة أمراض مرافقة مثل تشمع كبد صفراوي ثانوي، إرتفاع توتر الوريد الباب، إنكسار معاوضة الكبد وحدوث حبن و نزف دوالي مريئية الأمر الذي قد يستدعي إجراء زراعة كبد.

أما مرور كمية قليلة من المحلول القاتل للرؤيسات فسيحدث تضيق موضع في الطرق الصفراوية ومن الممكن أن يكون لاعرضي في حال عدم تأثر منطقة تجمع الأقنية الصفراوية. في حال إصابة مجمع الأقنية الصفراوية فإن الحالة قد تؤدي لحدوث ناسور صفراوي كبير يعالج بالجراحة المحافظة.

تكون المعالجة الجراحية للأقنية المتضيقة غير ممكنة غالبا، ولكن تطبيق دعامة (ستينت) طويل الأمد يعتبر خيارا آمنا وفعالا عند المرضى المصابين بهذا الإختلاط.

نكس الكيسات المائية بعد العلاج

يعرف النكس بأنه ظهور كيسات مائية فعالة جديدة بعد العلاج الكبدي أو خارج الكبدي. إن عدم النجاح في علاج الكيسة الكيسة بشكل دائم وظهور الكيسة الناكسة في مكان الكيسة السابقة يسمى نكس موضع، أما في حاول ظهور الكيسات في جوف البيرتوان فيسمى نكس منتشر. هناك العديد من الأسباب المتهمة بإحداث النكس نذكر منها:

  • تسرب محتويات الكيسة خلال العمل الجراحي
  • نقص فعالية المحلول القاتل للرؤيسات
  • بقاء بعض محتويات الكيسة بعد العمل الجراحي
  • عدم ملاحظة كيسات صغيرة أو إهمالها أثناء العمل الجراحي قد يؤدي للنكس.
  • بعض الأبحاث خلصت إلى أن الكيسات أكبر من 7سم تميل إلى النكس
  • وجود كيسات مائية متعددة
  • وجود قصة مرضية سابقة لداء عداري

إن نسبة حدوث النكس عالميا تتراوح بين 0-34.4% ويعود السبب في هذا الفارق الكبير إلى عدة أسباب كإختلاف طرائق التشخيص والتدبير بين الدول بالإضافة إلى نقص عملية المتابعة بعد الجراحة في بعض المناطق. كما تبلغ نسبة حدوث النكس الموضع حوالي 10% بعد الجراحة المحافظة.

في دراسة بالطريق الراجع أجريت على تدبير الكيسات المائية بالجراحة التنظيرية خلصت إلى زيادة نسبة النكس في البيرتوان وفي الأماكن خارج الكبدية والسبب في ذلك يعود إلى خطورة تسرب محتويات الكيسة للخارج وتلوث جوف البيرتوان بالرؤيسات.

وبالرغم من ذلك كله فإن هناك إجماع على أن خبرة الجراح هي العامل الأساسي في نجاح تدبير الكيسات المائية ومنع حدوث النكس.

يطلب من جميع المرضى بعد العمل الجراحي المراجعة كل 6 اشهر، وتتضمن إجراء دراسة شعاعية و مصلية (إختبار تثبيت المتممة، رحلان مناعي كهربائي، إليزا، لطخة وسترون. علما أن إيجابية الإختبارات المصلية لا تعني وجود نكس (قد تبقى لشهور أو سنوات) وإنما إرتفاع هذه النسب الإيجابية تديجيا يدل على النكس.

الجراحة الجذرية

لكي تكون نتائج الجراحة أفضل ونسب النكس بعد العمل الجراحي أقل (حوالي1%) لابد من إزالة كامل محتويات الكيسة وأغشيتها قدر الإمكان، ولكن في المقابل كلما كانت التدبير أكثر جذرية، كلما كانت الأخطار المرافقة للعمل الجراحي أكبر. ونذكر منها طريقتين: هما استئصال ماحول الكيسة و استئصال جزء من الكبد.

استئصال ما حول الكيسة المائية Pericystectomy

تدعى أيضا استئصال الكيسة الجذري، حيث يتضمن استئصال ماحول الكيسة إزالة كامل الكيسة المائية عن طريق تشكيل مستوى جراحي خارج حدود الكيسة دون فتحها أبدا. يتم اسئصال الكيسة مع جدارها الخارجي Adventitial layer. لايوجد معايير معينة للحدود التشريحية للإستئصال أما طريقة الإستئصال جراحيا فلا تختلف عن العملية المجراة لإستئصال جزء من برانشيم الكبد. يتم استعمال جهاز Cavitron ultrasonic aspirator لعزل الأوعية الدموية و الأقنية الصفراوية، ولكن يجب الحذر من استعمال الجهاز قرب الكيسة مباشرة خوفا من تمزقها، وبالتالي قد تسبب تسريب لمحتويات الكيسة. لابد من تجنب تطبيق إستئصال ما حول الكيسة للكيسات المماسة للأوردة الكبدية، أو الوريد الأجوف السفلي، أو سرة الكبد. في بعض الحالات المعقدة قد يلجأ الجراح لدمج عدة طرق معا، فمثلا يلجأ إلى تفريغ محتويات الكيسة بالإضافة إلى استئصال ماحول الكيسة جزئيا باستئصال جزء من برانشيم الكبد.

استئصال جزء من الكبد

هناك العديد من الإستطبابات لإجراء استئصال الكبد في سياق تدبير الكيسات المائية. فمثلا يعتبر استئصال الكبد هو الخيار العلاجي في تدبير الكيسات المائية المحدثة بالدودة المشوكة عديدة المساكن. من الحالات النادرة ايضا هي استئصال الكبد عندما تكون بقايا البرانشيم الكبدي ضامرة نتيجة انسداد صفراوي مزمن أو عند وجود تسرب صفراوي كبير يصعب تدبيره جراحيا. يمكن إستئصال فص كبدي في حال كانت الكيسة محيطية التوضع (غالبا في الجزء الوحشي الأيسر) أو في حالات الكيسات المعنقة.

يعتبر استئصال الكيسات المحيطية آمن وبسيط ولكن في معظم الحالات في الواقع فإن الجراح يضطر إلى استئصال جزء كبير من الكبد. يبقى اختيار الطريقة المناسبة لتدبير الكيسة يتبع لمعطيات عدة من خبرة الجراح و نوع وموقع الكيسة حيث يجب أن يتجنب الجراحين الذين لا يتوفر لديهم خبرة كافية في استئصال جزء من الكبد القيام باستئصال الكيسة بهذه الطريقة.

خلصت دراسة أجريت على استئصال الكيسات المائية مع جزء من الكبد أن الكيسات الأكبر من 5سم والكيسات المتعددة و الحالات عند وجود اتصال صفراوري كيسي مؤكد، فإن استئصال جزء من الكبد حاوي على الكيسة يمكن أن يطبق بشكل آمن و بنتائج جيدة مع نسبة نكس منخفضة إذا ما طبق بواسطة جراحين ذوي خبرة في هذا المجال.

علاج الكيسات المائية عبر الجلد

تعتبر المعالجة عبر الجلد إحدى البدائل المقبولة للمعالجة الجراحية وذلك بسبب سهولة تطبيقها و إنخفاض تكلفتها و نقص معدلات المراضة المرافقة لها. كما يمكن تقسيم هذا الإجراء إلى قسمين أساسيين:

  • الأول يهدف إلى تخريب الغشاء المنتش للكيسة PAIR
  • الثاني يهدف إلى إفراغ الكيسة بشكل كامل من محتوياتها

يستدل على فعالية وأمان تدبير الكيسات المائية عن طريق الجلد بالنتائج الموثقة في معظم بلدان العالم و حوالي أكثر من 2500 حالة بين 1999 و 201، وبمعدلات مراضة 4.1% و معدل وفيات 0.08%. الخطورة الأساسية التي ترافق هذا النوع من التدبير هي حدوث تسرب لمحتويات الكيسة المائية خلال إدخال الإبرة ضمن الكيسة. حاليا يتم استخدام المراقبة بواسطة الأمواج فوق الصوتية وبمساعدة صور الطبقي المحوري لتحديد المكان الأمثل لدخول الأبرة ضمن الكيسة والسبيل الكبدي التي ستمر عبره (دون إحداث أي أذية كبدية) وهذا الأمر أدي إلى إنقاص احتمال حدوث تسرب بشكل كبير عما كان عليه الحال عند الدخول إلى الكيسة عبر جوف البيرتوان.

في الماضي كان هناك تحذير كبير من إجراء المعالجة عبر الجلد خوفا من حدوث صدمة تأقية أو انزراعات ضمن جوف البيرتوان ولكن وجد أن نسبة حدوث هذه الإختلاطات هي منخفضة وتقتصر على بعض الحالات عالية الخطورة كموقع الكيسة. تم إجراء أول عملية تفريغ كيسة مائية عبر الجلد عام 1985م ومع مرور الوقت إزدادت الخبرة باستخدامها وأبحت تستخدم لتدبير كيسات في الرئة أو في البيرتوان أو في الكلية. يمكن استخدام هذا الإجراء في تدبير الكيسات الناكسة في جوف البيرتوان.

هناك بعض الآثار الجانبية الخفيفة التي قد ترافق تدبيرالكيسة عبر الجلد مثل الحكة والشرى الجلدي و إنخفاض الضغط الدموي ويمكن تدبيرها بواسطة العلاج بمضادات الهستامين، وقد يحدث عن بعض المرضى إرتفاع في درجة الجرارة لأكثر من 38.5 درجة ولكنها تزول تلقائيا. إن حدوث الإختلاطات على الجوف الحاوي على الكيسة مثل الخمج أو الناسور يصل لحدود 10% من الحالات.

يعتبر تدبير الكيسات المائية عبر الجلد مضاد استطباب في حال انفتاح الكيسة على الطرق الصفراوية أو على جوف البيرتوان أو جوف الجنب.

=عملية PAIR (Puncture, Aspiration, Injection, Re-aspiration)

تم استخدام تقنية الPAIR لأول مرة على الخراف ومن ثم بدأ استخدامها على البشر عام 1986. يتم اتباع هذه القنية عند المرضى غير قابلين للجراحة أو في حال رفض المريض لإجراء العملية الجراحية وفي بعض حالات النكس بعد الجراحة أو المعالجة الدوائية لوحدها. أهم استطباب لإجراء PAIR مع إعطاء البندازول هو وجود كيسات أكبر من 5سم ب و الكيسات بدرجة CE1 و CE3a. علما أنه يتم إعطاء البندازول قبل وبعد العمل الجراحي للوقاية من حدوث نكس.

يتم إجراء الPAIR تحت التخدير الموضعي حيث يتم إدخال إبرة ضمن جوف الكيسة عبر نسيج الكبد الطبيعي بتوجيه من الأمواج فوق الصوتية ويتم سحب أكبر قدر ممكن من السائل ثم يتم حقن مواد قاتلة للرؤيسات وتترك لحوالي 15 دقيقة وبعد ذلك يعاد سحب السوائل من الكيسة وتسحب الإبرة. يتم فحص السائل المرتشف من الكيسة لتحري الرؤيسات.

بعد ثلاث أشهر من الإجراء خلال المتابعة تعطي محتويات الكيسة إنعكاسات صوتية غير متجانسة. وبعد 5 أشهر تعطي مظهر الورم الكاذب. أما بعد 9 أشهر فتختفي الكيسة وتزول صدويتها.

عملية PAIR مع قسطرة

استدم هذه الإجراء للمرة الأولى 1993م توضع القسطرة ضمن الكيسة بطريقة مشابه لعملية الPAIR (يتم بزل الكيسة و حقنها بمواد قاتلة للرؤيسات ثم إعادة السحب) لكن ما يميز هذه الطريقة هي الإبقاء على القسطرة بعد العمل الجراحي داخل الكيسة لمدة 24 ساعة كمفجر. ونميز حالتين:

  • في حال كانت كمية السائل المرتشفة خلال 24 ساعة أقل من 10 مل وخالية من العصارة الصفراوية، يتم حقن كحول ضمن الجوف والإنتظار لمدة 20 دقيقة ثم يعاد سحب كل السوائل ضمن الكيسة و تسحب القسطرة.
  • في حال كانت كمية السائل المرتشفة خلال 24 ساعة أكثر من 10مل أو تحوي على العصارة الصفراوية يتم الإبقاء على القسطرة إلى أن تصبح الكمية أقل من 10مل ليتم بعدها المتابعة كما سبق.

العلاج الدوائي

يعتمد العلاج الدوائي بشكل عام على مركبات BMZs. ويتم اللجوء إلى هذا الخيار العلاجي عند المرضى الغير قابلين لإجراء الجراحة أو مرضى الكيسات الصغيرة (أقل من 5سم).

تقوم مركبات الBMZs (بشكل أساسي ميبدازول و الألبدنازول) بالقضاء على الطفيلي عن طريق عطب آلية دخول الغلوكوز للخلايا.

يتم استخدام الألبندازول فمويا وبجرعة تتراوح بين 10-15 ملغ/كغ/اليوم، مقسمة على قسمين، ويفضل تناولها مع غذاء غني بالشحوم لزيادة التواجد الحيوي للدواء. ويؤخذ الدواء بشكل مستمر (في السابق كانت هناك توصية بإيقاف الدواء لمدة معينة شهريا ولكن ثبت عدم الحاجة لها). يمكن أن يتم إعطاء الدواء لعدة أهداف:

  • علاج نهائي
  • علاج قبل العمل الجراحي
  • وقاية من حدوث نكس بعد العمل الجراحي

يعتمد العلاج النهائي باستخدام العلاج الدوائي لكيسة وحيدة الجوف لحوالي 3-6 أشهر مع بنسبة نجاح تل ل80% مترافقة بنسبة نكس حوالي 25% وتحدث معظم حالات النكس خلال سنتين من المعالجة.

العلاج الدوائي بهدف الوقاية من النكس يبدأ قبل أسبوع من العمل الجراحي ويستمر لحوالي 5-8 أسبابيع بعده في حالات الكيسات الغير مختلطة، أما في حالات الكيسات المختلطة أو وجود خطورة تسرب للسائل ضمن البيرتوان فتمتد المعالجة لحوالي 3-6 أشهر بعد العمل الجراحي.

المصادر