داء آكلة الفم

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

داء آكلة الفم (نوما NOMA)

يعد داء آكلة الفم نوعًا من الغرغرينا تدمر الأغشية المخاطية للفم وباقي الأنسجة.

يصيب الأطفال سيئي التغذية في المناطق التي يسوء فيها الصرف الصحي.

ومن الأسماء الأخرى له: قارحة الفم (cancrum oris).

ويعود أصل مصطلح NOMA للكلمة اليونانية nomein والتي تعني الالتهام، أو الرعي (الأكال).

لمحة تاريخية

وصف داء آكلة الفم (نوما) في النصوص الطبية اليونانية والرمانية، وقد وجد أنه كان شائعًا في كتابات القرون الوسطى وعصر النهضة.

أول من وصفه كان أبوقراط في القرن الخامس قبل الميلاد، وذكر ريتشر A.L Richter الداء في أوروبا، وربطه بسوء التغذية وإصابة الأطفال بالعدوى مثل الحصبة. واختفى الداء تقريبًا من أوروبا وشمال أمريكا باستثناء حالات شوهدت في معسكرات الاعتقال في الحرب العالمية الثانية، لكن كان ما يزال هنالك بعض الحالات في الدول غير المتقدمة.

وفي عام 1994 وصفت منظمة الصحة العالمية داء آكلة الفم كأولوية صحية، وبدأت له برنامج عمل.

الوبائيات

سجلت معظم الحالات بالإصابة به فيما يعرف بـ حزام آكلة الفم noma belt، والذي يقع جنوب صحارى، ويمتد عبر أفريقيا من السنغال لأثيوبيا. ومؤخرًا عزلت حالات في الدول المتقدمة.

الأسباب

السبب الدقيق غير معروف، لكن قد يكون نتيجة الإصابة بأنواع مختلفة من الجراثيم مع سوء التغذية.

اعتقد الباحثون بدايةً أن تعرض العظام الناتج عن التهاب اللثة التقرحي التنخري الحاد يمكن أن يعمل كباب للإصابة بداء آكلة الفم.

يحصل هذا المرض غالبًا عند الأطفال الصغار سيئي التغذية من أعمار 2-5 سنة. وغالبًا ما يكونون مصابين بمرض إضافي، مثل السل أو الحصبة أو الحمى القرمزية أو السرطان. وقد يكون لديهم ضعف في الجهاز المناعي.

وتتضمن عوامل الخطورة:

  • نوعاً من سوء التغذية يدعى كواشيركور. وأنواع سوء التغذية المترافقة مع نقص شديد في البروتين.
  • سوء النظافة وشروط العيش القذرة.
  • اضطرابات مثل الحصبة وابيضاض الدم.
  • ضعف المناعة والإصابة بمرض عوز المناعة المكتسب.
  • ترتبط الإصابة أيضًا بنقص العدلات.
  • الإصابة بالتهاب الفم الهربسي.
  • ابيضاض الدم.
  • داء بيركيت.

قد يكون التدمير السريع للأنسجة الرخوة والصلبة في هذا الداء مرتبطاً بعوامل إمراضية مناعية بدل أن تكون عوامل مكروبية لوحدها.

الناحية المكروبيولوجية

يعد داء آكلة الفم عدوى انتهازية، ودور بعض الجراثيم في الإمراضية لم يحدد، ذلك بسبب الأنواع الكثيرة من المكروبات غير القابلة للزراعة.

يتطور المرض عادةً بسرعة في مناطق جغرافية يصعب فيها القيام بالتحاليل المكروبيولوجية، وانتشاره عند سكان لا تعرف بدقة الفلورا الفموية لهم.

وجد عدد من العوامل الممرضة المحتملة، وتتضمن: Prevotella melaninogenica و Corynebacterium pyogenes و Fusobacterium nucleatum و Bacteroides fragilis و Bacillus cereus و Prevotella intermedia و Fusobacterium necrophorum.

وأظهر التحليل المكروبي في أوائل القرن العشرين كائنات دقيقة حلزونية الشكل ومغزلية الشكل في العينات. وذكرت دارسات لاحقة أنَّ Fusobacterium necrophorum عزلت من أطفال مصابين بآكلة الفم، وهي جراثيم تشيع عند الحيوانات. واعتقد أنها محفزة للإصابة بالداء.

لكن في دراسة أحدث (2013) ناقضت أنَّ هذه الجرثومة عامل سببي للمرض. وبينت دراستان أنَّ جرثومة prevotella intermedia ارتباطها أوضح بداء آكلة الفم.

الإنذار (المآل)

في بعض الحالات تكون هذه الحالة مميتة في حال لم تعالج؛ وفي أوقات أخرى تشفى الحالة بمرور الوقت حتى دون علاج، إلا أنَّها تسبب تشوهًا وتندبًا شديدين.

الأعراض

  • يسبب داء آكلة الفم تدميرًا نسيجيًا مفاجئًا يسوء بسرعة.
  • يبدأ المرض بقرحة في الأغشية المخاطية مع وذمة في الخد، تمتد من الداخل للخارج، مدمرةً الأنسجة الرخوة والعظام بسرعة.
  • أولًا تصاب اللثة وبطانة الخدود بالتهاب، وقرحات. ثم تسبب القرحات لاحقًا تصريفًا ذو رائحة نتنة، مسببةً نفسًَا ذو رائحة كريهة، وخروج رائحة من الجلد. تنتشر العدوى للجلد والأنسجة في الشفاه وتموت أنسجة الخدود. وقد يدمر في النهاية العظام والأنسجة الرخوة، ما يسبب تشوهًا للوجه وخسارةً للأسنان.
  • يمكن أن تؤثر آكلة الفم أيضًا على الأعضاء التناسلية، فتنتشر لجلدها؛ وتدعى حينها بالتهاب الفرج الأكال.
  • العلامة الأولى الواضحة لداء آكلة الفم هي وذمة في الخد، ثم تظهر منطقة سوداء رمادية على السطح الخارجي مقابل الآفة الداخلية خلال بضعة أيام، ثم تصبح لاحقًا منطقة تنخرية سوداء واضحة. تكتسب هذه المنطقة التنخرية شكلا مخروطيًا يتسلخ بسرعة.

وتتضمن التظاهرات داخل الفموية:

  • أذية العظام والأسنان المعرضة.
  • البخر (نتن النفس).
  • أغشية كاذبة.
  • فرط اللعاب.
  • نزف لثوي تلقائي.
  • خسارة في أطراف الحليمات اللثوية بين الأسنان.

يكون أحيانًا التنخر شديدًا جدًا لدرجة أن الفك العلوي والسفلي يتدمران كليًا، ويصل التدمير حتى الأنف وحتى الهامش تحت الحجاج.

ومن الأعراض الجهازية التي قد تصيب المريض المصاب به:

المضاعفات

  • تشوه الوجه.
  • انزعاج.
  • صعوبة التحدث والمضغ.
  • الانعزال.

الفحوصات والاختبارات

  • كثيرًا ما يظهر التاريخ المرضي إصابة فيروسية أو طفيلية (ملاريا، حصبة).
  • يظهر الفحص الجسدي مناطق ملتهبة في الأغشية المخاطية وقرحات فموية وقرحات جلدية؛ ويكون لها رائحة نتنة.
  • يظهر فحص الدم تركيزًا منخفضًا للهيموغلوبين والكريات البيض، وارتفاعًا لسرعة تثفل الكريات الحمر، وانخفاضًا في ألبومين الدم.

العلاج

  • نقل الدم.
  • نقل السوائل الوريدية.
  • وضع المريض على حمية عالية البروتين.
  • إعطاء المضادات الحيوية: تساعد الصادات الحيوية والتغذية المناسبة في إيقاف تطور المرض:

إن إعطاء المضادات الحيوية (الأمبيسيللين والكلوكساسيللين والميترونيدازول) والمعالجة متعددة الفيتامينات يجب أن تستمر لمدة أسبوع على الأقل. وينصح المرضى بالمضمضمة يوميًا بغلوكونات الكلورهيكسيدين. كما ينصح بفحص إصابتهم بعوز المناعة المكتسب.

  • تنضير المناطق المتنخرة.
  • يلجأ للمعالجة الجراحية بعد فترة 6-18 من استباب الحالة:

قد تكون الجراحة التجميلية ضرورية لإزالة الأنسجة المدمرة واستنبناء العظام الوجهية. فتحسن المظهر الوجهي ووظيفة الفم والفك.

رغم أنَّ عدد الوفيات قلَّ جدًا بتطور أجيال الصادات الحيوية إلا أنَّ التغيرات الوظيفية والتجميلية والنفسية المرتبطة بتدمير الأنسجة الصلبة والرخوة ماتزال تعد تحديًا كبيرًا.

المصادر