فيروس نقص المناعة

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.

فيروس العوز المناعي البشري

ينتمي الفيروس لعائلة اللفيروسات القهقرية، ولجنس الفيروسات البطيئة.

تسبب العدوى بهذا الفيروس الإصابة بمتلازمة العوز المناعي المكتسب، والتي تعرف باسم الإيدز. وهي حالة من الفشل المترقي للجهاز المناعي عند المصاب، ما يسبب إصابته بعداوى انتهازية مختلفة إضافة لعداوى أخرى وسرطانات. لذا فدون العلاج يموت المريض بسبب تلك العداوى التي تصيبه لضعف الجهاز المناعي عن محاربتها.

يعرف الفيروس بأنه فيروس قهقهري لكونه يمتلك رنا كمادة وراثية له، تقوم بالتوجيه لتشكيل جزئية دنا، والتي تعمل في النهاية كقالب لاصطناع الرنا المرسال الفيروسي.

أهم طريق للانتقال افيروس هو الطريق الجنسي، وينتقله الدم والمني والسوائل المهبلية. لا يحصل الانتقال من الأم لابنها عن طريق الإرضاع. لكن يمكن أن يحصل بالانتقال العمودي أثناء الحمل أو أثناء الولادة، نتيجة عرض المولود لدمها أو للسوائل المهبلية.

سبب ضعف المناعة

يقوم فيروس العوز المناعي بإصابة خلايا في الجهاز المناعي مثل الخلايا التائية المساعدة (على وجه الخصوص CD4+)، والباعلات والخلايا المتغصنة. وتؤدي العدوى بهذا الفيروس إلى نقص مستويات خلايا CD4+، بعدد من الآليات، منها الاستماتة الذاتية للخلايا غير المصابة، وقتل الفيروس المباشر للخلية، وقتل الخلايا التائية المصابة عن طريق اللمفاويات السامة للخلايا CD8+ التي تميز الخلايا المصابة. وعندما ينخفض عدد الخلايا التائية DC4+ لمستويات حرجة يفقد الجسم تقريبًا المناعة المتواسطة بالخلايا، ويصبح الجسم أكثر حساسية للعداوى الانتهازية.

التصنيف

يعد فيروس العوز المناعي البشري من أفراد جنس الفيروسات البطيئة، ومن عائلة الفيروسات القهقرية. وتسبب الفيروسات البطيئة على العموم مرضًا طويل الأمد، ذو فترة حضانة طويلة. وتنتقل الفيروسات كفيروسات رنا مغلفة تحوي سلسلة إيجابية وحيدة الطاق من الحمض النووي.

دورة الحياة

بعد الدخول للخلية المضيفة يتحول إلى دنا ثنائي الطاق، وذلك بأنزيم يرمز له الفيروس في جنيومه، يدعى أنزيم النسخ العكسي، يُحمل هذا الأنزيم في الفيروس.

ثم تُنقل جزيئة الدنا الناتجة إلى نواة الخلية المضيفة، وتُدمج في الدنا الخلوي عن طريق أنزيم يُرمز له الفيروس، يدعى أنزيم الإدخال (الإنتغراز integrase) وبعوامل مساعدة من خلية المضيف.

بعد دمج الحمض النووي الفيروسي يصبح الفيروس خاملًا، ما يسمح بتجنب الجهاز المناعي لفترة غير محددة من الزمن.يمكن أن يبقى الفيروس خاملًا في الإنسان 10 سنوات بعد العدوى الأولية، ولا يسبب خلالها أية أعراض.

ثم، وفي مرحلة لاحقة، يُنتسخ الدنا الفيروسي منتجًا رنا فيروسيًا جديدًا، وبروتينات فيروسية، وذلك بالاستعانة بمصادر الخلية، فتنتج فيروسات جديدة يمكنها إصابة خلايا جديدة.

أنماطه

هنالك نمطان مميزان من فيروس العوز المناعي البشري ، وهما: HIV-1 وHIV-2. الأول، هو الذي اكتشف بدايةً، وقد سمي بـ الفيروس المرتبط باعتلال الغدد اللمفية Lymphadenopathy Associated Virus (LAV) وسمي أيضًا بـ فيروس الخلايا التائية أليف النسيج اللمفاني البشري 3 Human T cell Lymphotropic Virus III (HTLV-III).

يعد HIV-1 أكثر فوعة وأكثر عدوى من HIV-2، وإليه تُنسب معظم العداوى عالميًا. أما ضعف قدرة العدوى لـ HIV-2 مقارنةً بالأول فيشير لضعف القدرة على الانتقال، وينحصر تقريبًا في أفريقيا الغربية.

البنية والجينوم

يعد الفيروس مختلفًا من حيث البنية عن باقي الفيروسات القهقرية. فهو فيروس كروي، بقطر 120 نانومتر، أي أصغر من الكرية الحمراء بـ 60 مرة (قطر الكرية الحمراء 7.5 ميكرومتر وسطيًا).

يحمل الفيروس نسختان من رنا إيجابي وحيد الطاق ترمزان لـ 9 جينات فيروسية. يحيط بهذا الحمض النووي كابسيد مكون من 2,000 نسخة من البروتينات الفيروسية p24. يلتصق الرنا وحيد الطاق بقوة ببروتينات نووية، وبروتين p7 وأنزيمات ضرورية لنمو الفيرون مثل أنزيم النسخ العكسي والبروتيازات وأنزيم الدمج. مصفوفة مكونة البروتين الفيروسي p17 يحيط بالكابسيد ليضمن دخول جزيئات الفيريون.

يُحاط ذلك بغلاف فيروسي، مكون من طبقة شحمية مضاعفة مأخوذة من خلية الإنسان المضيف عندما تتبرعم جزيئة الفيروس من الخلية. يحتوي الغلاف الفيروسي بروتينات من خلية المضيف، وبضعة نسخ من بروتينات أخرى، مكونة من:

  • قلنسوة مصنوعة من 3 جزيئات تُعرف بالبروتين السكري 120.
  • جذع مكون من البروتين السكري 41، ويثبت القلنسوة بالفيروس.

تسمح بروتينات الغلاف السابقة للفيروس بالالتصاق بالخلية الهدف، ودمج الغلاف الفيروسي مع غلاف الخلية المضيفة. فتتحرر محتويات الفيروسات في الخلية وتبدأ سلسلة العدوى.

يتكون الجينوم من 7 علامات هيكلية على الأقل (LTR، TAR، RRE، PE، SLIP، CRS، INS) و9 جينات (gag، pol، env، tat، rev، nef، vif، vpr، vpu) وأحيانًا يوجد جين عاشر يسمى tev، وهو عبارة عن دمج بين tat وenv وrev. وترمز تلك الجينات لـ 19 بروتينًا. تحتوي ثلاث من هذه الجينات (gag وpol وenv) على المعلومات الضرورية لصنع البروتينات الهيكلية لجزيئات فيروسية جديدة. فيرمز الجين env لبروتين يدعى البروتين السكري 160، والذي ينقسم لنصفين باستخدام البروتياز الخلوي ليشكل البروتين السكري 120 والبروتين السكري 41. بينما الجينات الست المتبقية ترمز لبروتينات تتحكم بقدرة الفيروس على إصابة الخلية، وإنتاج نسخ جديدة من الفيروس والتسبب بالمرض.

وظائف البروتينات في دورة حياة الفيروس

دخول الفيروس

تدخل جزيئة فيروس العوز المناعي البشري البالعات والخلايا التائية CD4 من خلال التصاق البروتينات السكرية التي على سطها مع المستقبلات على الخلية الهدف، متبوعة باندماج الغلاف الفيروسي من غشاء الخلية، ثم تحرر كابسيد الفيروس في الخلية.

يبدأ دخول فيروس العوز المناعي البشري إلى الخلية من خلال تفاعل معقد الغلاف الثلاثي (البروتين السكري 160) على غلاف الفيروس مع المستقبل CD4 ومستقبل تنشيط كيميائي رديف (عمومًا إما أن يكون CCR5 أو CXCR4، لكن هنالك غيرها) الموجودة على سطح الكرية الهدف. يرتبط البروتين السكري 120 ببروتين الإدخال [الإنتغرين] α4β7 مفعلًا ما يُعرف بـ LFA-1 (وهو بروتين الإدخال الأساسي المشارك في المشبكية الفيروسية) ما يسهل انتشار الفيروس من خلية إلى أخرى. ويحوي البروتين السكري 160 مناطق ارتباط لكل من المستقبل CD4 ومستقبل التنشيط الكيميائي الرديف.

تتضمن الخطوة الأولى في الاندماج الالتصاق عالي الألفة بين البروتين السكري 120 ببروتين الـ CD4. ثم يخضع المعقد الغلافي للفيروس لتغيرات هيكلية، تسمح بارتباط المستقبل مع بروتينات الفيروس. ما يسمح بالتاصق أكثر ثباتًا ولمدة أطول. فتدخل النهاية الأمينية للبروتين السكري 41 لغشاء الخلية؛ فيتداخل غلاف الخلية مع الغشاء الخلوي ما يسمح في النهاية بدخول كابسيد الفيروس بما فيه للخلية.

التضاعف والانتساخ

بعد دخول كابسيد الفيروس وما فيه للخلية المضيفة يقوم أنزيم النسخ العكسي بتحرير جيوم الرنا الإيجابي وحيد الطاق من البروتينات الفيروسية الملتصقة به؛ وينسخ منه شريط دنا مكمل. ويحدث في عملية النسخ العكسي هذه كثير من الأخطاء، ما ينتج عنه طفرات قد تسبب مقاومة دوائية، أو تسمح للفيروس بالهروب من الجهاز المناعي للمضيف. يملك أيضًا أنزيم النسخ العكسي فعالية ريبونكلياز، والتي تحطم الرنا الفيروسي أثناء اصطناع الدنا المكمل، بالإضافة لفعالية بوليمراز دنا معتمد على الدنا، والذي يقوم بصنع طاق مقابل للدنا المكمل. ويشكلان معًا دزئية دنا ثنائي الطاق ينقل إلى نواة الخلية.

يحصل إدخال الدنا الفيروسي ضمن دنا خلية المضيف، وذلك باستخدام أنزيم الإدخال (إنتغراز) الفيروسي.

يتطلب تفعيل إنتاج الفيروسات توافر عددٍ من العوامل الخلوية؛ أهمها عامل غابا النووي ب (NF-κB) والذي يزداد التعبير عنه عندما تنشط الخلية التائية؛ أي أنَّ الخلايا التي من المرجح أكثر استهدافها وقتلها من الفيروس هي الخلايا المحاربة للعدوى.

أثناء التضاعف الفيروسي ينتسخ دنا طليعة الفيروس إلى رنا، ثم يخضع بعضٌ منها إلى تضفير لإنتاج رنا مرسال. يخرج هذا الرنا المرسال من النواة إلى السيتوبلاسما، حيث يترجم إلى بروتينات تنظيمية Tat (والذي يحفز إنتاج فيروسات جديدة) وكذلك Rev.

وبإنتاج بروتين Rev جديد يتحرك إلى النواة، حيث يرتبط بنسخ كاملة غير مضفرة من رنا الفيروس، ما يسمح لها بمغادرة النواة. وتعمل بعض قطع الرنا الكاملة تلك كنسخ جديدة لجينوم الفيروس، بينما تعمل الباقي كرنا مرسال تُترجم لإنتاج بروتينات هيكلية Gag و Env. ويرتبطGag بنسخ من رنا الفيروس ليجمعها في جزيئات فيروسية جديدة.

التجمع والتحرر

الخطوة الأخيرة في دورة حياة الفيروس هي تجمع فيروسات جديدة. تبدأ في الغشاء السيتوبلاسمي.

يخترق البروتين السكري 160 (Env) الشبكة البطانية الهيولية، وينتقل لمعقد غولجي. حيث يشطر بأنزيم الفورين، معطيًا جزيئتي بروتين سكري، وهما البروتين السكري 41 و البروتين السكري 120. ثم تنتقل تلك الأجزاء إلى الغشاء البلامسي للخلية، حيث يثبت البروتين السكري 41 البروتين السكري 120 بغشاء الخلية المضيفة. كما يشار البروتين Gag (p55) وp160 في السطح الداخلي للغشاء البلاسمي مع الرنا الفيروسي عند بداية تشكيل الفيريون لبرعم من الخلية المضيفة. يكون الفيريون المتبرعم غير ناضج بعد، حيث يكون البروتين المتعدد Gag ما يزال لم يُشطر للمعقد الحقيقي، الكابسيد والبروتينات الكابسيد النووي. يتواسط هذا الشطر بروتيازات فيروسية، ويمكن إيقافها باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية المثبطة للبروتياز.

تتجمع المكونات الهيكلية بعد ذلك لإنتاج فيريون فيروسي ناضج. وفقط الفيريونات الناضجة يمكنها حينها إصابة خلية أخرى.

الانتشار ضمن الجسم

بعد أن تتبرعم جزيئة الفيروس من الخلية التائية المصابة تدخل الدم أو السائل خارج الخلوي، ثم تصيب خلية أخرى.

لكن يمكن أن ينتشر الفيروس بالانتقال المباشر من خلية إلى أخرى. حيث تنقل الخلية التائية المصابة الفيروس مباشرةً إلى خلية تائية أخرى عن طريق المشبك الفيروسي. أو تقوم الخلية المقدمة للمستضد antigen-presenting cell (مثل البالعات أو الخلايا المتغصنة) بنقل الفيروس إلى خلايا تائية عن طريق عملية إما تتضمن عدوى منتجة (في حال البالعات) أو تأسر وتنقل الفيريونات (في حالة الخلايا المتغصنة). ويُعد الانتقال المباشر من خلية إلى أخرى أكثر كفاءة.

وظائف متفرقة لباقي البروتينات

  • يعمل البروتينان p16 وp14، كمفعلات للانتساخ للمحفز LTR وذلك بالارتباط على عنصر الرنا TAR. والذي يمكن أن يتحول إلى جزيئات رنا ميكروية تنظيم جينات الاستماتة ERCC1 و IER3.
  • يدخل البروتين p19 في نقل جزيئات الرنا من النواة من خلال الارتباط بالرنا.
  • بينما يعيق البروتين p23 فعل APOBEC3G (وهو بروتين خلوي ينزع الأمين من السيتيدين واليوريدين في الدنا الفيروسي أحادي الطاق و/أو يتداخل مع النسخ العكسي).
  • يمنع البروتين p14 انقسام الخلية.
  • ينقص البروتين p27 التعبير عن CD4 (المستقبل الفيروسي الأساسي)، بالإضافة إلأى لجزيئات معقد التوافق النسيجي 1 و2.
  • يحفز البروتين P16 إطلاق جزيئات فيروسية جديدة من الخلايا المصابة.

التشخيص

تُشخص العدى بدايةً باستخدام مقايسة الامتصال المناعي المرتبط بالأنزيم ELISA بكشف الأضداد المضادة لفيروس العوز المناعي البشري.

في حال حصل تفاعل في المقايسة السابقة يُعاد فحص العينات مرتان. وفي حال كانت نتائج أي من المرتين متفاعلة تُعد العينة متفاعلة وتخضع لاختبار تأكيد باستخدام تفاعل البوليمراز المتسلسل PCR أو لطخة ويسترن، أو باستخدام مقايسة التألق المناعي IFA والمستخدمة بدرجة أقل ما سابقيها.

وفقط العينات التي تُعطي إيجابية في المقايسات السابقة تُعد إيجابية بالإصابة بعدوى فيروس العوز المناعي البشري.

رغم أنَّ مقايسة التألق المناعي يمكن استخدامها لتأكيد العدوى في الحالات الغامضة إلا أنَّها قليلًا ما تُستخدم.

عمومًا في حال العينة غير المؤكدة تؤخذ عينة أخرى بعد أكثر من شهر، ويعاد فحصها باستخدام لطخة ويسترن.

آخر توصيات مركز مكافحة الأمراض CDC حول التشخيص هو المقايسة المناعية لأضداد فيروس العوز المناعي البشري 1 و فيروس العوز المناعي البشري 2 ومستضدات P24. تنفي النتيجة السلبية التعرض للفيروس، بينما نتيجة إيجابية تُتبع بتفاعل مناعي تفريقي لتحديد أي الفيروسات ( فيروس العوز المناعي البشري 1 أو فيروس العوز المناعي البشري 2 ) هو المسبب للعدوى عند المريض. لكن في حال أعطى نتيجة غير مؤكدة يجرى تفاعل فحص الحمض النووي NAT لكشف الفيروس.

المصدر

https://en.wikipedia.org/wiki/HIV