التهاب سحائي سلي

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. جاد الله السيد محمود
المساهمة الرئيسية في هذا المقال

التهاب السحايا السلي

هو التهاب لطبقات السحايا ينتج عن الإصابة بجراثيم المتفطرة السلية، ويرمز له بـ TBM.

يبقى السل من بين أكبر التحديات على الصحة العامة رغم التقدمات الكبيرة في علم المناعة وعلم الأحياء الدقيقة والدواء.

فالفقر وضعف البنية التحتية للصحة العامة وقصور تمويل أبحاث الدعم الأساسية تهدف إلى تطوير أدوية جديدة ولقاحات ووسائل تشخيص، إضافة لاقتران وبائيته مع مرض عوز المناعة المكتسب (الإيدز) يقوي وبشدة انتشار وبائية السل.

يعد السل مرضاً خطيراً جداً فيما يتعلق بالوفيات بعد الإصابة به، ما يتطلب تشخيصًا ومعالجة سريعين له بعد الإصابة به. ولكن المشكلة أن الإنذار المقترن بالإصابة به ضعيف جدًا، وذلك بسبب نمط الإصابة المطول وتنوع الآليات المرضية المبطنة وتنوع مناعة المضيف إضافة لفوعة المتفطرة السلية. فيتعلق الإنذار مباشرةً بالمرحلة السريرية من التشخيص.

الإمراضية

قد يسبب السل تظاهرات حادة، ففي بعض الأحيان قد يسبب عيوباً في العصب القحفي، لكن قد يظهر مساقًا مرضيًا مطولًا أيضًا، يتضمن الصداع وحالة سحائية وتغير في الحالة العقلية. وعادةً ما تكون بوادره غير نوعية، متضمنة الصداع والإقياء ورهاب الضوء والحمى. ويمتد المدى اللازم لظهور الأعراض من يوم واحد إلى 9 أشهر من لحظة الإصابة.

مراحل الإصابة

تحصل الإصابة على مرحلتين:

الأولى

تدخل جراثيم المتفطرة السلية جسد المضيف عن طريق استنشاق قطيرات تحوي تلك الجراثيم. وتتزايد العدوى الموضعية ضمن الرئتين، مع انتشارها للعقد اللمفية القريبة. وعند الأشخاص الذين يصابون لاحقًا بالتهاب السحايا السلي تزرع الجراثيم أبواغها في السحايا أو في متن الدماغ، ما يؤدي إلى تشكل بؤرة آفات جبنية نقائلية تحت البطانة العصبية أو تحت الأم الحنون تدعى بؤرة غنية.

الثانية

زيادة في حجم البؤر الغنية حتى تتمزق في المنطقة تحت العنكبوتية. وتحدد منطقة توسع الدرنة (أي البؤرة الغنية) نمط إصابة الجهاز العصبي المركزي. تسبب عندما تتمزق الدرنات في المنطقة تحت العنكبوتية التهاب السحايا. أما التي تستقر بعمق أكبر في الدماغ أو متن النخاع الشوكي فيمكن أن تسبب أورامًا سحائيةً أو خراجات. وفي حين يمكن أن يتمزق الخراج أو الورم الدموي ضمن البطين، إلا أن البؤرة الغنية لا يمكنها ذلك.

ثم يرشح نضح هلامي سميك للأوعية الدموية السحائية أو القشرية مولدًا التهابًا أو انسدادًا أو صمة. ويفسر التهاب السحايا القاعدي الخلل الوظيفي المتكرر للأعصاب القحفية الثالث والسادس والسابع، ما يؤدي في النهاية لموه رأس انسدادي نتيجة انسداد الصهاريج القاعدية.

أما عن الإمراضية العصبية اللاحقة فتنتج عن 3 عمليات عامة، وهي: تشكل الالتصاق والتهاب أوعية مسدي، والتهاب الدماغ أو النخاع الشوكي.

كثير من أعراض وعلامات وعقابيل الإصابة بالتهاب السحايا السلي هي نتيجة رد الفعل الالتهابي الموجه مناعيًا تجاه العدوى.

إصابة النخاع الشوكي

قد يصيب داء السل النخاع الشوكي مسببًا التهابه، وذلك بسبب انتشار العدوى من التهاب داخل القحف، فينتج التهاب النخاع الأولي لوحده نتيجة وجود بؤرة درنية على سطح الحبل الشوكي تتمزق ضمن المجال تحت العنكبوتي أو بسبب امتداد العدوى في الأم الجافية بنخر العمود الفقري.

يملأ نضح ورمي حبيبي المساحة تحت العنكبوتية ويتمد على عدة قطع. ويحصل التهاب أوعية يتضمن التهاب الأوردة والشرايين، ويؤدي أحيانًا إلى احتشاء إقفاري للحبل الشوكي.

إصابة أعضاء أخرى

  • العين:

تعد وذمة حليمة العصب البصري هي التأثير البصري الأشيع للإصابة بالتهاب السحايا السلي. قد تتقدم الإصابة بوذمة حليمة العصب البصري عند الأطفال لتسبب ضمورًا بصريًا أوليًا وعمىً ينتج عن إصابة مباشرة للأعصاب البصرية والتصالبة البصرية بالنضح القاعدي (أي الْتِهابُ عَنْكَبوتِيَّةِ التَّصالُبَةِ البَصَرِيَّة). أما عند البالغين فقد تنتج وذمية حليمة العصب البصري بعد الضمور البصري، وذلك في حال نجا المريض لفترة كافية لتسبب الإصابة ذلك. من الأسباب الأخرى للضرر البصري الحاصل بهذه العدوى: التهاب المشيمة والشبكية والتهاب العصب البصري وشلل العين بين النوى، وفي حالات نادرة بداية مفاجئة لشلل عين مؤلم.

  • الشلل:

تتضمن البداية المفاجئة للعيوب العصبية البؤرية حسب ما ورد في التقارير: شللًا أحاديًا وشللًا نصفيًا (فالج) وحبسة وخزلًا رباعيًا.

ورغم أن هذه قد تكون ظواهر تالية للنشبة، إلا أنها في الغالب نتيجة تغيرات وعائية ناتجة عن الإقفار. في حين أن بعضها يمكن أن تكون نتيجة التهاب العنكبوت المنتج أو الموه، ويبقى التهاب الأوعية هو السبب الأرجح لذلك.

  • الأوعية: يمكن أن يتطور التهاب الأوعية مع تخثر واحتشاء نزفي في الأوعية التي تمر بالنضح الشوكي أو القاعدي أو تقع ضمن مادة الدماغ. كما يمكن أن تغزو المتفطرة الغلالة البرانية مباشرةً وتبدأ عملية التهاب الأوعية.

يتبع تفاعل العدلات الباكر ارتشاح الخلايا اللمفاوية والبالعات وخلايا بلاسما، مؤديًا لتدمير متقدم للغلالة البرانية ويعرقل الألياف المرنة، ثم يسبب في النهاية دمار بطانة الشريان. وأخيرًا يؤدي التدمير الفييبريني ضمن الأوردة والشرايين الصغيرة لواحد أو أكثر من التالي: أم دم وخثرات متعددة ونزوفات بؤرية.

  • الجهاز الحركي: يعد الرعاش اضطراب الحركة الأكثر شيوعًا في إمراضية التهاب السحايا السلي. ويصاب عند نسبة أقل من المرضى حركات شاذة، بما فيها الكنع الرقصي والزفن الشقي، وتحدث عند الأطفال أكثر منها عند البالغين. إضافة لذلك لوحظ رمع عضلي وخلل مخيفي عند المصابين. وتكون الآفات الوعائية العميقة أكثر شيوعًا عند المرضى المصابين باضطرابات الحركة.

الفحص الجسدي

موجودات عامة

يجب القيام بفحص عصبي وجهازي شامل ودقيق بحثًا عن تضخم العقد اللمفية ووذمة حليمة العصب البصري وأورام سلية الممكن مشاهدتها بمنظار قاع العين، إضافة للبحث عن حالة سحائية. كما يفضل التأكد من تطعيم المريض بلقاح عصيات غالمت غيران BCG حيث أنه يقي عادةً من التهاب السحايا السلي.

الموجودات البصرية

إضافة لوذمة حليمة العصب البصري يمكن أن يظهر فحص قاع العين في بعض الإصابات ورم سلي شبكي أو عقيدة مشيمية بيضاء رمادية، مما يشير بقوة للإصابة بالسل.

الموجودات العصبية

اعتلالات عصبية قحفية تتضمن إصابة العصب القحفي السادس، أما إصابة الأعصاب القحفية الثالث والرابع والسابع فهي أقل شيوعًا. كما يمكن أن تصاب الأعصاب القحفية الثاني والعاشر والحادي عشر والثاني عشر. وقد تتضمن العيوب العصبية البؤرية شللًا أحاديًا وشللًا نصفيًا (فالج) وحبسة وخزلًا رباعيًا. يعد الرعاش اضطراب الحركة الأكثر شيوعًا في إمراضية التهاب السحايا السلي.

عوامل الخطورة

  • تقوم هجرة البشر بدور كبير في وبائية السل.
  • المصابون بمرض عوز المناعة المكتسب.

وبدرجة أقل:

  • المشردون.
  • الأشخاص في الهيئات الإصلاحية.
  • القاطنون لوقت طويل في هيئات العناية.

من العوامل الأخرى المهيئة:

  • سوء التغذية
  • إدمان الكحول.
  • تعاطي المخدرات.
  • داء السكري.
  • استخدام القشرانيات السكرية.
  • الخباثات.
  • صدمة الرأس.

التشخيص

يعد تشخيص التهاب السل السحائي مشكلة كبيرة. فهنالك مجال كبير من الحالات المشابهة له.

لذلك يجب أخذ التهاب السحايا السلي بعين الاعتبار عند قدوم مريض بصورة سريرية تدل على إصابته بالتهاب السحايا والدماغ، خصوصًا إذا كان ضمن المجموعة ذات الخطورة العالية بالإصابة به، والتي ذكرناها أعلاه.

غالبًا ما يحدث خلط تشخيصي بين التهاب السحايا السلي وباقي مسببات التهاب السحايا والدماغ، خصوصًا التهاب السحايا المعالج جزئيًا.

اعتبارات تشخيصية

  • لا يمكن تأكيد تشخيص التهاب السحايا السلي أو نفيه فقط من خلال الموجودات السريرية، أما بالنسبة لاختبار السلين فقيمته محدودة في ذلك، واختلاف التاريخ الطبيعي والسمات السريرية المرافقة لالتهاب السحايا السلي يعيق التشخيص.
  • يترافق البزل القطني مع خطورة حصول فتق النخاع في أي لحظة عند زيادة الضغط القحفي. لكن في حال وجود شك بوجود التهاب سحايا فيجب إجراء الاختبار بصرف النظر عن المخاطر، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة والحصول على الموافقة قبل الإجراء.
  • يفتقر التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي للنوعية لكنه يساعد في مراقبة المضاعفات التي تستدعي الجراحة العصبية.
  • يفتقر تليون تسل نيلسون للحساسية، وغالبًا ما تتأخر نتائج الزرع فلا تعد مفيدة في القرار السريري. لكن أنظمة الزرع الإشعاعية نصف الآلية مثل BACTEC 460 والأنظمة الآلية المراقبة باستمرار تنقص الزمن اللازم للزرع. وتتضمن الطرق الأحداث مضاعفة الحمض النووي للجرثومة من خلال تفاعل البوليمراز المتسلسل.
  • يجب إجراء تعداد كامل للدم، وتحديد معدل ترسب الكريات الحمر.
  • يجب قياس مستوى السكر المصلي، وهذه القيمة مفيدة عند المقارنة بينها وبين مستوى السكر في السائل النخاعي.
  • يجب إجراء فحص مصلي لداء الزهري. يجب إجراء اختبار التكامل أو ما يكافؤه للعداوى الفطرية.

الدراسات الكيميائية للمصل والبول

يجب تقييم تراكيز الشوارد. فعادة ما يحدث انخفاض خفيف إلى متوسط في مستوى صوديوم الدم عند ما يقارب 45% من المرضى. وفي بعض الحالات يصاب المريض بمتلازمة الإفراز غير المناسب للهرمون المضاد للإدرار (SIADH) كما يجب قياس مستوى النتروجين واليوريا في الدم، وكذلك الكرياتينين. ويجب إجراء تحليل بولي.

اختبار السلين الجلدي

رغم محدوديته فائدة إلا أنه ما زال مستخدمًا عالميًا.

البزل القطني

يستخدم مقياس الضغط لفحص ضغط السائل الدماغي الشوكي، وخصوصًا عندما يكون الضغط أعلى من المعدل الطبيعي.

تحليل السائل النخاعي الشوكي

تتضمن الاختبارات التي يجب إجراؤها على السائل النخاعي الشوكي:

  • تعداد الخلايا وعد تفريقي وسيتولوجيا.
  • مستوى الغلوكوز، مع أخذ قياس آني لمستوى الغلوكوز الدموي.
  • مستوى البروتين.
  • زراعة جرثومية مناسبة باستخدام تلوين غرام والتلوين الصامد للحمض واختبار حساسية الصادات بعدهما. وكذلك استخدام تلوين الحبر الهندي.
  • قياس مستضدات المستخفيات والحلأ.
  • زراعة المتفطرة السلية (50-80% من الحالات المعروفة لالتهاب السحايا السلي تظهر نتيجة إيجابية).
  • تفاعل البوليمراز التسلسلي: تشير النتائج إلى أنه يمكن أن يزود بتشخيص سريع وموثوق لالتهاب السحايا السلي رغم إمكانية حصول إيجابية كاذبة في عينات تحتوي عدد قليل من العضيات (أقل من وحدتين مشكلتين للمستعمرة /مل).
  • اختبار مصلي للزهري.

مقايسة الارتباط المناعي النقطي

تعد معيارية لقياس الأضداد المضادة للجراثيم في عينات السائل الدماغي الشوكي بغرض تشخيص مخبري سريع لالتهاب السحايا السلي.

أشعة صدرية

قد تظهر الأشعة الصدرية الخلفية الأمامية والجانبية تضخم عقد لمفية نقيري، و/أو التهاب رئة بسيط و/أو ارتشاح و/أو تجويف عقدي ليفي و/أو انصباب جنبي و/أو تندب جنبي.

تصوير الدماغ والنخاع الشوكي

قد يظهر المسح المقطعي والرنين المغناطيسي موه الرأس وثخانة سحائية قاعدية واحتشاءات ووذمة وأورام سحائية. رغم أنها تفتقر للنوعية إلا أنها تساعد في مراقبة المضاعفات التي تتطلب جراحة عصبية.

تصوير الأوعية

يمكن أن يشير تصوير الأوعية الرنيني المغناطيسي والتصوير الوريدي إلى حصول موه رأس وتضيق في الشرايين في قاعدة الدماغ وتضيق أو إغلاق الشرايين الصغيرة ومتوسطة الحجم.

تخطيط كهربائية الدماغ

تبين وفي دراسة واحدة أن تخطيط كهربائية الدماغ عند 24 مريض مصابين بالتهاب السحايا السلي.

اختبار الاستجابة السمعية المحرضة لجذع الدماغ

ظهرت في نفس الدراسة أعلاه شذوذات في هذه الاستجابة في مرضى التهاب السحايا السلي.

استخدام واسمات كيميائية عصبية

موجودات نسيجية

يستخدم ملون تسل نلسون خواص جدار الخلية الجرثومية لتشكيل معقدات دون إمكانية إزالة التلوين بالحمض والكحول.

يمكن أيضًا أن يكون ملون الأنسجة التألقي مفيدًا في تشخيص التهاب السحايا السلي.

العلاج

اعتبارات علاجية إنَّ مدة العلاج بالصادات الحيوية لالتهاب السحايا السلي غير واضحة، كما أن فوائد استخدام القشرانيات السكرية بالترافق مع تلك الصادات مازالت موضع شك.

يمكن أن يموت المصاب نتيجة خطأ التشخيص أو تأخير العلاج.

الصادات الحيوية والقشرانيات السكرية

أفضل الصادات الحيوية في معالجة التهاب السحايا السلي هي: الإيزونيازيد (INH) والريفامبين (RIF) والبيرازين أميد (PZA) والستربتومايسين (SM) وجميعها تدخل السائل الدماغي النخاعي بسهولة بوجود التهاب سحايا.

يعد الإيثامبوتول أقل فعالية في التهاب السحايا السلي إلا إذا استخدام بجرعات عالية.

وتتضمن الأدوية ذات الخط العلاجي الثاني لهذه الحالة الإيثينوميد والسيكلوسيرين والأوفلوكساسين وحمض الباراأمينو ساليسيليك (PAS).

مدة العلاج التقليدية 6-9 أشهر، رغم أن بعض الاستقصاءات تنصح بأن تصل مدة العلاج حتى 24 شهر. وما زال استخدام القشرانيات السكرية عند البالغين ما زال موضع جدل.

التحويل والتصريف

تستخدم عند المرضى الذين يظهر عليهم مواه رأس انسدادي وتهتك عصبي، ويخضعون لمعالجة لداء السل لمنع التهاب السحايا السلي.

لقاح عصيات غالمت غيران

يقدم لقاح عصيات غالمت غيران BCG تأثيرًا واقيًا (64%) ضد داء السل.

المراقبة طويلة المدى

تتحدد فعالية الدلائل الإرشادية العلاجية بعاملين أساسيين:

  • معدل الشفاء.
  • مستوى المقاومة المكتسبة للدواء.

تشمل الصادات الحيوية ضد داء السل:

الأمينوغليكوزيدات:

الفلوروكينولونات

القشرانيات السكرية

المصدر

http://emedicine.medscape.com/article/1166190-medication#showall

[[تصنيف:طب]]