داء الرتوج

من موسوعة العلوم العربية
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
  • الدكتورة وفاء الحشاش

استشاري الأمراض الباطنية وأمراض الجهاز الهضمي والكبد وزراعة الكبد

المساهمة الرئيسية في هذا المقال

داء رتوج القولون - الجزء الأول Diverticular Disease

ما هو داء رتوج القولون

داء رتوج القولون هو حالة شائعة تتميز بإندفاع كيسي الشكل صغير بالحجم من خلال جدار الأمعاء الغليظة أو القولون . وهي عبارة عن فتق للغشاء المخاطي و الغشاء ما تحت المخاطي من خلال أماكن ضعيفة في العضلة المبطنة للقولون ( لا تشمل الطبقات العضلية المحيطة بالقولون ) .

هذه الرتوج أكثر حدوثا في الجزء السفلي من القولون المعروف بالقولون السيني الموجود في الجانب الأيسر من البطن و لكن أي جزء من القولون ممكن أن يصاب بداء الرتوج . داء رتوج القولون من الممكن أن تختلف في العدد من شخص لآخر أي أن من الممكن أن يكون الشخص مصاب برتج واحد و يصل عددها إلى المئات . كذلك يمكن أن تختلف في الحجم حيث عادة ما يكون قطرها ما بين 5 إلى 10 ملم ولكن أيضا يمكن أن تزيد في الحجم إلى أن تصل إلى 2 سم . ولقد وصفت حالات خاصة بداء الرتوج القولون في الأبحاث العلمية تصل إلى 25 سم . مع مرور الوقت عادة ما تتزايد الرتوج في العدد والحجم . أحيانا تصبح الرتوج ملتهبة وتعرف هذه الحالة بالتهاب الرتج [Diverticulitis] و أحيانا أخرى تسبب نزيف دموي شديد [Diverticular Bleeding] .

ومصطلح داء رتوج القولون يشمل وجود الرتوج وكل الأعراض والعلامات التي يمكن أن تنتج نتيجة وجود هذه الرتوج و هي تشمل الآتي : - الألم و المغص المعوي. - الحرارة العالية. - النزيف . - الانتفاخ بالبطن .

كيفية حدوث هذه الحالات في داء رتوج القولون

السبب المؤكد لحدوث الرتوج غير معروف إلى الآن . تصبح هذه الحالة أكثر حدوثاً مع تقدم عمر الإنسان . هناك اعتقاد أن هذه الرتوج تحدث مع زيادة الضغط داخل الأمعاء الغليظة مثل ما يحدث مع وجود الإمساك حيث يزداد الضغط داخل المعي ويجعل جداره منتفخا للخارج في النقاط الضعيفة به . عندما لا يوجد الحجم و الليونة المناسبة للبراز في الأمعاء الغليظة فإن المعي يصبح متهيجا ًو متشنجاً . في المناطق الفاصلة بين التشنجات يكون الضغط عالياً جداً بحيث يدفع جيوب صغيرة من المعي من خلال النقاط الضعيفة فيه . وهذه النقاط الضعيفة هي الأماكن بين الحزم العضلية التي تسير بشكل طولي إلى أعلى وأسفل المعي .

ما هي أعراض داء رتوج القولون

عادة ما يكون داء رتوج القولون عادة لا يسبب أي أعراض للمصاب به ولكن عند ظهور أعراض فإنه من الممكن حدوث الآتي : - أعراض مشابهه لمتلازمة القولون العصبي [Irritable Bowel Disease] - حدوث آلام بالبطن نتيجة وجود التقلصات و التشنجات الشديدة بالقولون. - تغيير في وظيفة القولون كظهور الإمساك أو الإسهال أو الاثنين معا . - وجود نوبات من النزيف المعوي مع البراز . - عند حدوث التهاب الرتج يمكن أن توجد نوبات ألم في الجزء الأسفل الناحية اليسرى من البطن و حدوث الحمى و ارتفاع في درجة حرارة الجسم . - حدوث ثقب في جدار الرتوج يتسبب بوجود خراج موضعي مع زيادة واضحة في الألم و الحمى . - نادراً ما يكون الثقب في جدار القولون مفتوحا للبطن كله مسبباً حالة آلام حادة بالبطن تتطلب التداخل الجراحي بسرعة .

من هم أكثر عرضة لحدوث داء الرتوج

عادة ما يزداد داء رتوج القولون مع تقدم السن حيث لا يوجد اختلاف واضح بين الجنسين في عدد حالات الداء و تقدير حدوثه من الصعب قياسه كون الكثير من المصابين يبقون بدون أعراض فقط 10 إلى 25 % من المصابين بداء الرتوج يحدث لديهم مضاعفات مثل التهاب الرتوج , الخراج و الناسور و كذلك النزيف المعوي السفلي من القولون. بعد حدوث أحد المضاعفات الناتجة عن داء الرتوج فإن حوالي 30 إلى 40 % من هؤلاء المرضى ستحدث لهم مضاعفات أخرى . و إلى الآن غير معروف لماذا تحدث التهابات الرتوج في بعض المرضى المصابين بداء الرتوج وليس في كل المرضى .

تقديرات انتشار داء رتوج القولون في المجتمعات الغربية أقل من 5 % عند الذين أعمارهم أقل من 40 سنة ترتفع هذه النسبة إلى 30 % عند ذوي الأعمار فوق 40 سنة و 60 % عند ذوي الأعمار فوق 85 سنة . و عموماً عند تشخيص المرض في صغار السن و الذكور عند يكون المرض أكثر حدة مع حدوث أكثر للمضاعفات .

كيف يتم تشخيص داء الرتوج

من الصعب قياس مدى انتشار داء رتوج القولون بشكل دقيق لأن معظم المرضى لا يوجد لديهم أي أعراض و عند وجودها فإنها تتداخل بشكل كبير مع أعراض متلازمة القولون العصبي . أخذ التاريخ المرضي و كذلك الفحص السريري الدقيق تعطي دلائل هامة للطبيب.

فحص الأمعاء الغليظة بالصبغة ( الباريوم ) يمكن أن يقدم الدلائل على وجود الرتوج ولكن الفحص الأفضل للتشخيص هو إجراء منظار للقولون حيث يتم رؤية الرتوج بطريقة مباشرة في نفس الوقت يتم إقصاء الحالات الأخرى التي تعطي أعراض مشابهة لداء الرتوج . كذلك يتم تقدير درجة الالتهاب الموجود عن طريق إجراء فحوصات للدم.

كيفية معالجة داء رتوج القولون

إن الاختلاف الجغرافي الواسع للمرض كذلك ارتباطه الكبير مع نوعية الغذاء قد يكون عاملا مهما لتكوينه فهو أكثر انتشارا في الدول المتقدمة ( مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الأوروبية ) حيث الغذاء الفقير بالألياف و أقل انتشارا في الأماكن الريفية و الدول العالم الثالث ( مثل أفريقيا ) . علاج داء رتوج القولون يبدأ بالوجبات المنتظمة متوازنة غذائيا الغنية بالألياف و كذلك لا غنى عن السوائل الكافية . من الجدير بالذكر فأن حجم الرتوج لا يتراجع مع الطعام الغني بالألياف ولكن يقلل من احتمال حدوث و تكوين رتوج جديدة .

سابقا كان ينصح باستبعاد القطع الكاملة للألياف كالحبوب و البقوليات وغيرها ( مثل : الذرة , المكسرات و السمسم ) بسبب الخوف من احتجازها في الرتوج وتفاقم المرض و لكن حديثا لا توجد دراسات علمية تؤكد هذا الخصوص.

في بعض الأحيان تعطى أدوية مضادة لتشنجات و تقلصات الأمعاء الغليظة لتخفيف الألم ولكن لا يوجد دليل طبي مدعم بالأبحاث العلمية يدعم هذا الاعتقاد أيضا.

عند وجود التهاب في الرتوج القولونية فإنه يجب عمل الآتي :

  • إراحة الجهاز الهضمي و ذلك إما بالامتناع عن الأكل تماما لعدة أيام أو إعطاء حمية و وجبات غذائية سائلة و منع إ عطاء الألياف . ويتم هذا بعد استشارة الطبيب المعالج.
  • عادة ما تستخدم المضادات الحيوية ومضادات التشنج والمسكنات و أيضا هذا يتم باستشارة الطبيب المعالج .
  • في الحالات الشديدة يتم إدخال المريض المستشفى لإعطائه التغذية الوريدية و إراحة الجهاز الهضمي أو المعي في حالة راحة تامة لعدة أيام.

هل يمكن منع داء رتوج القولون

الطريقة الوقائية الأفضل تبدو بتقديم الغذاء الجيد الغني بالألياف في المراحل العمرية المبكرة فوجود الألياف في الغذاء يعتبر شيء أساسي. و مع زيادة نسبة الألياف في محتوى الطعام هناك إحتمال تفاقم الأعراض لفترة من الزمن و بعدها تتحسن .

الطريقة الرئيسية التي تساعد بها زيادة الألياف في مرضى الرتوج القولوني هو بإنقاص فرص حدوث الإمساك و كذلك زيادة ليونة البراز.

هناك الكثير من الدراسات الطبية التي تدعم وجود فائدة من إضافة الألياف للمرضى الذين لديهم داء رتوج القولون و أكثر الدراسات ربطت وجود الأغذية الغنية بالألياف مع حدوث أقل لحالات الرتوج القولوني . كذلك أخذ كمية كبيرة من الشحوم واللحوم تزيد من خطر حدوث المرض .

التغيرات الغذائية – الألياف

على المرضى مناقشة الغذاء الصحي المتوازن المناسب لحالتهم الصحية مع الطبيب المعالج أو مع اختصاصي التغذية و كذلك عن كيفية الإدخال التدريجي للألياف في وجباتهم . الألياف الغذائية هي عبارة عن مجموعة من المواد النباتية ( مثل: السيليولوز , السيميسيليولوز , البيكتين ) التي لا يمكن هضمها بواسطة الخمائر و العصارات الهضمية لدى الإنسان . عند الطبخ فإن كمية الألياف في الغذاء يبقى ثابتاً و لكن الفائدة الغذائية مع الطبخ تأثيرها يقل . عند اختيار الطعام الغني بالألياف فإنه من الضروري شرب 6 - 8 كاسات من السوائل يومياً على الأقل . وكذلك يجب الأخذ بالاعتبار نوعية الألياف التي يتم تناولها . هناك نوعين من الألياف :

الألياف الغير قابلة للانحلال

  • وهي عبارة عن ألياف غير قابلة للذوبان مع الماء و لكنها تمتص كمية كبيرة من السوائل و تقوم بتنظيم حركة الجهاز الهضمي و بالتالي تمنع حدوث الإمساك .
  • وظيفة أخرى لها هي تشكيل مواد خام للتخثر الجرثومي و البكتيري والذي لا يقدم الطاقة فقط بل ربما يكون هام جدا في تحويل المركبات السامة والمسرطنة إلى مركبات غير سامة .
  • كذلك هذه الألياف تزيد من حجم البراز والذي يساعد على تقوية العضلات حول القولون ويجعلها أقل عرضة لتشكيل الرتوج المشاهدة في داء الرتوج القولوني .
  • الألياف الغير قابلة للانحلال موجودة في : السيليولوز ( مثل: الفواكه و القمح ) و السيميسيليولوز ( مثل: الحبوب والخضروات ).

الألياف القابلة للانحلال

  • تعمل هذه النوعية من الألياف عن طريق تشكيل طبقة جل (Gel) أو سائل مخاطي بحيث تصبح المحتويات أكثر لزوجه مما يؤدي إلى بقاء الطعام فترة أطول في المعدة مما يساعد على الإحساس بالشبع فترة أطول .
  • كذلك هذه اللزوجة تنظم طريقة خروج الأطعمة المهضومة من المعدة إلى الأمعاء و تنظم حركة الجهاز الهضمي بالتالي و تمنع حدوث الإمساك و تنظم عملية التبرز .
  • وظيفة أخرى للألياف القابلة للانحلال هي المساعدة على تأخير إمتصاص السكر مما يساعد على ضبط مستوى السكر في الدم و يساعد في خفض مستوى الكوليستيرول بالدم وذلك عند اندماجها مع العصارة الصفراوية .
  • و من ضمن قائمة الأطعمة التي تشمل الألياف القابلة للانحلال هي :
    • الفواكه : كالتفاح ، الموز ، العنب ، البرتقال و الفراولة .
    • الخضروات : الطماطم ، القرنبيط والحمص .
    • الحبوب : الشعير , الشوفان و نخالة الشوفان .

هل الجراحة ضرورية

عموماً لا توجد حاجة للجراحة مع داء الرتوج القولوني حتى مع وجود بعض الأعراض البسيطة فإن من الممكن السيطرة عليها بتغيير النمط الغذائي و الأدوية . في حالة التهابات الرتوج القولونية , أكثر الحالات تستجيب للعلاج الدوائي ( مثل : المضادات الحيوية ) و لكن في حالة تكرار حدوثها فإن قطع الجزء المصاب بالجراحة ربما يصبح ضرورياً و يحدث هذا عند 1 % تقريباً من المرضى. أما في حالة حدوث انثقاب في الرتج و تشكيل خراج و صديد فإن الجراحة عادة ما تكون ضرورية . أيضا في حالة النزيف المتكرر من الرتوج القولونية يصبح من الضروري تحديد المكان الذي تم النزيف منه و من ثم استئصاله .

هل يسبب داء رتوج القولون السرطان

لا يسبب داء رتوج القولون السرطان ، و ربما تكون أعراض السرطان مشابهه لحد ما لأعراض التهاب الرتوج القولوني ، لذلك فإن التشخيص الدقيق يكون أمرا مهماً للغاية و كذلك الفحص المنتظم والمتكرر مع طبيب العائلة كما يجب إخباره عن استمرار الأعراض أو ظهور أعراض جديدة مثل نزيف دموي من فتحة الشرج , فقدان الوزن بشكل مستمر و الآلام المزمنة ففي هذه الحالة يجب عمل فحوصات لمعرفة السبب .

مصادر